وفيه خرج الأمير قرقماس أمير سلاح، وتوجه إلى نحو المنزلة بسبب حفر فم البحر الصغير، الذي تروى منه جهات المنزلة وما حولها.
ومن الحوادث، أن في أواخر هذا الشهر هجم المنسر على سوق جامع أحمد بن طولون، وكسر في تلك الليلة نحوا من أربعة وعشرين دكانا، ونهبوا ما فيها من قماش وغير ذلك، فلما جرى ذلك وقف جماعة من التجار ممن أصيب في ماله إلى السلطان، وشكوا له مما أصابهم من أمر نهب الدكاكين وذهاب أموالهم. فلما وقفوا إلى السلطان، رسم للوالي بتحصيل غرمائهم، فلا زال يفحص عمن فعل ذلك، حتى قبض على جماعة منهم نحوا من عشرين نفرا من المنسر، فوسطهم الوالي في وسط سوق جامع بن طولون، ولبس علان الوالي خلعة بسبب ذلك.
*****
وفي ذي القعدة رسم السلطان بنقل علي بن أبي الجود إلى بيت الوالي ليعاقبه، فلما تسلمه الوالي عصره في رجليه ويديه، حتى أورد بعض شيء من المال الذي قرر عليه.
وفي هذا الشهر تزايد الفساد من العربان والعشير في جهة الشرقية والغربية، وجهة الصعيد، حتى كادت أن تملك العربان البلاد من أيدي المقطعين، فعند ذلك جمع السلطان الأمراء في الدهيشة، وضربوا مشورة بسبب فساد أحوال البلاد الشرقية والغربية، فعين في ذلك اليوم جماعة من الأمراء بأن يخرجوا لمحاربة العربان وطردهم عن البلاد، فعين طراباي رأس نوبة النوب إلى جهة الغربية ومعه جماعة من المماليك السلطانية، وعين الأمير قاني باي قرا أمير آخور كبير إلى جهة الشرقية، وعين خاير بك حاجب الحجاب، وقانصوه بن اللوقا أحد الأمراء المقدمين، إلى جهة الصعيد، وعين أزبك المكحل أحد المقدمين، ودولات باي قرموط أيضا، بأن يتوجها إلى جهة البحيرة، فخرج هؤلاء الأمراء وصحبتهم الجم الغفير من العسكر، ثم بعد أيام جاءت الأخبار بأن عربان الشرقية قد كسروا الأمير قاني باي أمير آخور كبير، وقطعوا طبوله وجرح في وجهه، فعند ذلك أرسل له السلطان نجدة، فعين الأمير تمر الزردكاش أحد الأمراء المقدمين ومعه جماعة من المماليك السلطانية فتوجهوا إليه.
وفي سابع عشره - الموافق لثمان عشر بشنس القبطي - فيه خلع السلطان الصوف، ولبس البياض، وابتدأ بضرب الكرة. وكان غائبا من الأمراء المقدمين ثلاثة عشر أميرا، فجماعة منهم إلى جهة الحجاز، وجماعة مفرقة في البلاد الشرقية والغربية والصعيد وغير ذلك من البلاد. ثم أن الأمراء الذين توجهوا إلى محاربة العربان، صاروا يقطعون رؤوس