وفيه خلع على معين الدين بن شمس وقرر في وكالة بيت المال عوضا عن علي بن أبي الجود، فاجتمع مع معين بن شمس وكالة بيت المال ونظر البيمارستان المنصوري فعظم أمره جدا.
وفيه خلع على الحاج بركات بن موسى وكان أبوه موسى من العرب وأمه تسمى عنقا، ثم بقي ركاب الملك المؤيد أحمد بن الأشرف اينال، فاستقر برددار السلطان ومتحدثا على جهات البهار، وغير ذلك من أمور المملكة، عوضا عن علي بن أبي الجود. وهذا أول ظهور بركات بن موسى، واشتهاره في الرياسة، فعظم أمره جدا وصار معدودا من أعيان رؤساء مصر، وتزايدت عظمته من بعد ذلك حتى كان من أمره ما سنذكره في موضعه، فكان كما يقال في المعنى:
هذا الزمان على ما فيه من كدر … من انقلاب لياليه بأهليه
غدير ماء تراءى في أسافله … أشخاص قوم قياما في أعاليه
وكان بركات بن موسى من جملة صبيان البزادرة الذين يحملون الطير على أيديهم.
ثم أن السلطان سلم علي بن أبي الجود إلى الحاج بركات بن موسى ليعاقبه، ويستخلص منه الأموال، فنزلوا بابن أبي الجود من القلعة وهو في الحديد، وتوجهوا به إلى دار بركات بن موسى.
وفي يوم الاثنين في العشرين منه خرج المحمل من القاهرة، وكان أمير ركب المحمل الأتابكي قيت الرحبي، وبالركب الأول أنص باي أحد المقدمين، ثم نادى السلطان في القاهرة بأن امرأة لا تحج في هذه السنة خوفا على الحجاج من فساد العربان، وقد تقدم ما فعله الجازاني بمكة.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرينه عرض السلطان علي بن أبي الجود بالحوش، وضربه بالمقارع عشرين شبيبا حتى خرق جنبه، وأشرف على الموت، فلم يرث له أحد من الناس، بموجب ما كان يفعله من أنواع المظالم بالناس، وقد أخذ من الجانب الذي كان يأمن إليه.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرينه خرج الأمير أزدمر الدوادار إلى نحو جبل نابلس بسبب جمع الأموال من مشايخ عربان نابلس، كما كان يصنع الأمير أقبردي الدوادار، فتوجه الأمير أزدمر وصحبته جماعة من الأمراء العشراوات والمماليك السلطانية.