للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البرددارية، فلما تسلطن الغوري حظي عنده وطاش وجرى منه ما تقدم ذكره، وجار على الناس بالظلم، حتى أخرب ثغر الإسكندرية، ودمياط، وبندر جدة، وغير ذلك من الثغور، بسبب مصادرات التجار، فتلاشى أمر الثغور والبنادر من يومئذ، وتضاعف أمر المكوس جدا حتى جاوزت الحد في ذلك، فهابت الناس علي بن أبي الجود قاطبة وصارت له حرمة وافرة بمصر، فكان كما يقال في المعنى:

إذا ما اللئيم رقا رتبة … تملق له وانتظر وضعها

وقبل يديه إذا مدها … إذا كنت لم تستطع قطعها

وفيه حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد ابن عثمان ملك الروم، وصحبته تقدمة حافلة إلى السلطان، فأوكب السلطان في ذلك اليوم موكبا عظيما بالحوش، وكان يوما مشهودا.

*****

وفي جمادى الآخرة، عزم السلطان على قاصد ابن عثمان في الميدان الذي تحت القلعة، وأحضر في ذلك اليوم عدة مماليك يرمون بالنشاب على الخيل ونصب لهم هناك القبق يرمون عليه، وأحرق النفط بالنهار قدام القاصد، وكان يوما مشهودا.

وفيه رسم السلطان بشنق شخص من مشايخ عربان بني وائل يقال له: شرف الدين بن موسى، فشنقه على باب زويلة.

وفي سابع عشرينه كانت وفاة الشيخ العارف بالله برهان الدين إبراهيم المواهبي الشاذلي، تلميذ الشيخ العارف بالله أبي الصفا محمد بن أحمد بن محمد التونسي الشاذلي الوفائي، المعروف بأبي المواهب، قدس الله روحه. وكان الشيخ إبراهيم عالما فاضلا، ورعا زاهدا، من أعيان مشايخ الصوفية، وكان لا بأس به.

*****

وفي رجب في خامسه توفي الأمير طقطباي بن ولي الدين أحد المقدمين الألوف، وزير الديار المصرية وأستادار العالية، وكان ظالما غاشما كثير الأذى جاهلا لا يعرف الحلال من الحرام، وهو الذي كان سببا لقطع المعتدات التي كانت تخرج من الديوان المفرد، وكانت الملوك تسامح بذلك في الدولة الماضية، فقطع ذلك في هذه الدولة، وحصل للمقطعين بسبب ذلك الضرر الشامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>