وفي ربيع الآخر - في يوم مستهله - طلع ابن أبي الرداد، وثبت النيل المبارك على خمس أصابع من عشرين ذراعا، وكان في العام الماضي أرجح من ذلك.
وفيه كسفت الشمس عند طلوعها وقت الإشراق وأقامت على ذلك ساعة حتى انجلت.
وفيه جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بوفاة نائبها قانصوه خمسمائة، وكان أصله من مماليك يشبك الدوادار، وكان لا بأس به.
وفي ليلة الأحد رابع عشره خسف جرم القمر أيضا، فكان بين كسوف الشمس وخسوف القمر أيام قلائل، حتى عد ذلك من النوادر.
وفيه رسم السلطان بشنق بشخص من أهل حلب انكسر عليه مال، فشنقه على باب زويلة وهذا أول ما نفذه من أمر القتل في أيام دولته.
وفيه أفرج السلطان عن فخر الدين كاتب المماليك وكان له مدة في الترسيم حتى غلق ما قرر عليه من المال، واستمر على وظيفته.
وفيه خلع السلطان على تاني بك النجمي أحد الأمراء الطبلخانات، وقرره في نيابة الإسكندرية عوضا عن قانصوه خمسمائة بحكم وفاته.
وفيه رسم السلطان بشنق التاجر ابن الملقى وشخص آخر من الأتراك قيل إنه كان خازندارا لجاني بك الشامي، وكان جاني بك الشامي مختفيا فلم يقر بمكانه فسمره السلطان على جمل هو وابن الملقى ونزلوا بهما من القلعة، فأرسل الأتابكي قيت شفع فيهما فتوجهوا بهما إلى المقشرة فسجنوا بها.
وفيه قبض السلطان على محمد بن يوسف ناظر الأوقاف، وسجنه بالعرقانة بسبب مال قد انكسر عليه ولم يقم به.
وفيه غمز على جاني بك الشامي وخاير بك اللامي في مكان عند المدرسة القجماسية، فتوجه إليهما علان والي القاهرة وهجم ذلك المكان وكانا في ربع هناك، فقبض على جاني بك الشامي وخاير بك اللامي وعلى صاحب البيت الذي كانا فيه، وكان صاحب البيت يبيع البطيخ، فلما قبضوا عليهما وطلعوا بهما إلى القلعة، رسم السلطان بتوسيطهما عند سلم المدرج، فوسطوا خاير بك اللامي وجاني بك الشامي هناك، ثم رسم السلطان بشنق صاحب البيت الذين وجدوا فيه، فشنق على دكانه وراح ظلما، فكان كما يقال:
من لا تجانسه احذر تجالسه … فالشمع آفته من صحبة الفتل
وكان أصل جاني بك الشامي، وخاير بك اللامي، من مماليك الأمير أقبردي الدوادار، وكانا يعرفان بالشجاعة والإقدام في الحرب، لا يفزعان من الموت. فلما تسلطن الغوري