للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ربيع الأول في مستهله أفرج السلطان عن صلاح الدين بن الجيعان ونزل إلى داره، وكان في الترسيم بسبب ما قرر عليه من المال، وقد أشرف على تغليق ذلك.

وفي يوم الخميس خامسه، خلع السلطان على الأمير سودون العجمي وقرره في أمرة مجلس عوضا عن أصطمر بن ولي الدين بحكم توجهه إلى دمياط.

وفيما بعد توفي الجمالي يوسف بن الزرازيري - كاشف الوجه القبلي، وتولى الوزارة أيضا - بالمقشرة مغضوبا عليه وقاسى شدائد ومحنا، وكان لا بأس به.

وفيه عمل السلطان المولد النبوي بالحوش واجتمع به القضاة الأربعة، ومن الأمراء المقدمين أربعة وعشرون، حتى عد ذلك من النوادر الغريبة.

ومن الحوادث أن في ليلة تفرقة الجامكية، طلع حمل المال من حارة زويلة وقت صلاة الفجر، فلما وصلوا به إلى رأس البندقانيين في أثناء الزقاق المظلم خرج عليهم جماعة من الأتراك في زي العرب، فحاشوا البغل الذي عليه المال برسم الجامكية واقتلعوه من الموكل به، وربما أشيع قتله، فأخذوا البغل بما عليه من المال ومضوا، ولم تنتطح في ذاك شاتان. وكان قدر المبلغ اثني عشر ألف دينار مما جمعه علي بن أبي الجود من وجوه المصادرات بالضرب والحبس لأعيان التجار ومشاهير الناس وغير ذلك، فذهب ذلك المال ولم ينتفعوا به، فكان كما يقال:

"لست أعطي في حرام أبدا إلا حراما"

وفي أواخر هذا الشهر أكمل السلطان نفقة البيعة على الجند، وقد طاولهم نحوا من سنة ونصف سنة وهو يحتج بجمع المال، حتى راج أمره في السلطنة وتمت قواعد دولته، وكان هذا بتدبير الأتابكي قيت الرحبي حتى خمدت تلك الفتن القائمة.

ومن الحوادث أن في يوم السبت سلخ هذا الشهر طلع الأمير أزدمر الدوادار إلى القلعة وقت صلاة الصبح، فلما وصل إلى باب القلة التي بالقلعة، لم يشعر إلا وقد جاء سهم نشاب من بعض طباق المماليك، فجاء السهم من تحت إبطه فأخرق الملوطة التي عليه.

فلما جرى ذلك أخذ السهم النشاب، ودخل به إلى السلطان وقال له: "إن كنت تقصد قتلي فلا تخلي المماليك الجلبان يقتلوني" فحلف السلطان على المصحف الشريف أن لم يكن له علم بذلك ولا جرة. ثم بعث خلف أغوات الطباق، وضرب منهم جماعة، وقررهم عمن فعل ذلك، فأسفرت القضية على أن شخصا من المماليك، قيل هو أخو الأتابكي قيت الرحبي، الذي فعل ذلك. فأمر السلطان بنفيه إلى الشام فخرج من يومه، وكان هذا المملوك من شرار المماليك وقيل له عدة قتلى.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>