للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ما مرة حتى أورد ما قرر عليه من المال. وقبض على صلاح الدين بن الجيعان ووكل به بالقلعة، وقبض على فخر الدين بن العفيف كاتب المماليك، وقبض على موفق الدين بن القمص القبطي ووكل به بالقلعة، وقبض على عبد الباسط بن تقي الدين ناظر الزردخاناه وقرر عليه مالا له صورة فلم يثر به (١) فضربه بالحوش ضربا مبرحا، وضرب أيضا موفق الدين بن القمص وفخر الدين كاتب المماليك. وقبض أيضا على شمس الدين بن مزاحم ناظر الإسطبل، فأقام هؤلاء في الترسيم والضرب حتى غلقوا ما قرر عليهم من المال.

ثم في أثناء هذا الشهر جاءت الأخبار من حلب بأن عسكر الصوفي رجع إلى بلاده وخمدت فتنته وبطل أمر التجريدة. ولكن استمرت المصادرات عمالة في المباشرين وغير ذلك.

ومن الحوادث أن في ليلة السبت ثالث عشرين هذا الشهر، هجم المنسر على سكان المسطاحي التي بجوار قنطرة الحاجب، فقتلوا من الخفراء واحدا ونهبوا عدة بيوت، ثم دخلوا إلى الجسر الذي بجوار بركة الرطلي، وكان النيل في قوة الزيادة والجسر عامرا بالسكان، فخطفوا عدة عمائم وشدود، وكانوا نحوا من ستين رجلا ومعهم قسي ونشاب، فعطعطوا تلك الليلة في الجسر والمسطاحي وقام العياط من الطيقان وكانت ليلة مهولة.

فلما بلغ علان والي القاهرة ما جرى بالجسر تلك الليلة، أخذ جماعة من المماليك وساق خلف المنسر بطول الليل، فظفر منهم بثمانية أنفس فقبض عليهم من ناي وطنان وهرب الباقون. فلما طلع النهار وصل بهم إلى باب القلعة، ثم عرضهم على السلطان فرسم بشنقهم على قنطرة الحاجب فسمروهم على جمال، وطافوا بهم القاهرة، وكان لهم يوم مشهود، فأتوا بهم إلى قنطرة الحاجب، فشنق منهم جماعة، ووسط منهم جماعة، وانطلقت لهم الزغاريت من النساء. ولبس علان الوالي خلعة حافلة في ذلك اليوم لكونه بيض وجهه وقبض على المنسر في ليلته، وعد ذلك من النوادر، كما يقال:

كأن فجاج الأرض يمناك أن يسر … بها خائف تجمع عليه الأنامل

فأين يفر المرء منك بجرمه … إذا كان تطوى في يديك المراحل

وفي يوم الاثنين، خامس عشرين هذا الشهر، كانت وفاة القاضي بدر الدين محمد النويري الحنفي أحد نواب الحكم، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما لا بأس به.

*****


(١) - أي: فلم يستطع الوفاء به.

<<  <  ج: ص:  >  >>