فلما وصل الحجاج إلى العقبة لاقاهم جماعة من عربان بني لام فعوقوهم عن طلوع العقبة، وأفردوا عليهم ثلاثة آلاف دينار، فجبي أمير الحاج ذلك من الحجاج، ودفعها للعرب حتى مكنوهم من طلوع العقبة، ودخلوا إلى بركة الحاج وهم في أسوأ حال.
فلما طلع الأمير أصطمر والناصري محمد بن خاص بك إلى القلعة ووقفوا بين يدي السلطان، وبخهما بالكلام بسبب ما جرى على الحجاج من الجازاني وابن سبع. ثم رسم بإدخال أصطمر إلى قاعة البحرة ورسم أيضا على الناصري محمد بن خاص بك ووكل به، ثم أرسل بالقبض على قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة ووكل به، وقد وشي به عند السلطان بأنه كاتب يحيى بن سبع، وأيقظه بأن السلطان يقصد القبض عليه، فأوسع خياله حتى عصاه على ما قيل.
وكذلك قبض السلطان على أزدمر المهمندار، قيل إن يحيى بن سبع كاتبه ولم يعلم السلطان بذلك، فصار لكل واحد منهم ذنب واستمر الحال على ذلك.
وفي الثلاثاء خامس صفر توفي جانبلاط المحمدي أحد مقدمي الألوف، وهو أخو قانصوه البرجي نائب الشام، فلما مات دفن في تربة أخيه خاير بك التي أنشأها بباب الوزير، وكانت مدته في التقدمة يسيرة ومات عقيب ذلك.
وفي تاسع صفر رسم السلطان بإخراج أصطمر منفيا إلى ثغر دمياط فنزل من القلعة بعد العشاء، وتوجهوا به إلى البحر، وسار في مركب إلى دمياط وهو مقيد بقيد ثقيل. وأما قاضي القضاة عبد البر بن الشحنة، فرسم السلطان بنفيه إلى قوص، وكان ببيت نقيب الجيش هو وأزدمر المهمندار، فشفع فيهما الأتابكي قيت الرجبي. ثم بعد أيام خلع السلطان على القاضي عبد البر وأعاده إلى القضاء على عادته، وشفع في أزدمر المهمندار أيضا.
وأما الناصري محمد بن خاص بك فإنه أقام في التوكيل مدة أيام وقرر عليه السلطان عشرين ألف دينار، واستمر على ذلك حتى ضمنه الأمير قرقماس أمير سلاح وتسلمه من السلطان، وشفع فيه حتى حط عنه خمسة آلاف دينار، واستمر عند قرقماس في الترسيم نحوا من ثلاثة أشهر حتى غلق ما قرر عليه من المال، وأتى إلى بيته وحصل له غاية الضرر.
وفي أثناء هذا الشهر جاءت الأخبار من حلب أن خارجيا تحرك على البلاد يقال له شاه إسماعيل الصوفي. فلما جاءت هذه الأخبار إلى القاهرة اضطربت الأحوال، وجمع السلطان الأمراء، وضربوا مشورة في أمر الصوفي، وعين السلطان تجريدة. ثم أنه قبض على جماعة من المباشرين ووزع عليهم مالا له صورة بسبب أمر التجريدة. فقبض على الشهابي أحمد ناظر الجيش وسلمه إلى الأمير طراباي رأس نوبة النوب فعرضه للضرب