للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الخميس تاسع شعبان عرض السلطان أولاد الناس أصحاب الجوامك والأيتام من نساء ورجال، فلما عرضهم قطع عدة جوامك ممن له أشرفي أو مائتان فأضر ذلك بحال الأيتام من نساء وصغار، ثم قطع عدة جوامك لجماعة كثيرة من أعيان أولاد الناس والمباشرين ووبخهم بالكلام، وقطع جوامك جماعة من الأوجاقية ونقباء القصر والسر آخورية وغلمان الإسطبل السلطاني، وسائر من له جامكية في باب السلطان من الفقهاء والمتعممين حتى جماعة من الخوندات والستات، فجماعة أبقى لهم النصف من جوامكهم وشيء قطع لهم الجوامك كلها وصار بالقسم والنصيب، وكان القائم في هذه المظلمة أيضا الأتابكي قيت الرحبي لا جزاه الله خيرا، فحصل للناس في ذلك اليوم كسر خاطر، ونزلوا من القلعة بغير طائل، فكان كما يقال في المعنى:

يا طالب الرزق مهلا … فلا بسعيك تطمع

وثق برب كريم … فالله يعطي ويمنع

وفيه عين السلطان الأمير قانصوه بن سلطان جركس بأن يتوجه إلى الشرقية كاشفا، فلما توجه إلى هناك لم يقابله من العربان أحد وازدادوا عصيانا فوق عصيانهم، وسموه "هات لبن"، فأقام بالشرقية نحوا من أربعين يوما ورجع من غير طائل.

وفيه أكمل السلطان نفقة البيعة على العسكر، وقد طاول العسكر هذه المدة الطويلة واعتذر عن ذلك حتى جمع الأموال ثم أكمل لهم النفقة بعد ذلك.

وفي أواخر هذا الشهر توفي القاضي زين الدين سالم صاحب ديوان الأتابكي أزبك بن ططخ، وكان من أعيان المباشرين ورأى غاية العز والعظمة في أيام الأتابكي أزبك، وكان في سعة من المال وله ثروة زائدة وكان لا بأس به، ومات وقد جاوز السبعين سنة من العمر.

وفيه توجه الأمير طقطباي وزير الديار المصرية إلى جهة الصعيد لجمع المغل، فصلى الجمعة مع السلطان ونزل من القلعة في موكب حافل وصحبته الأمراء المقدمون، وكان له يوم مشهود.

*****

وفي رمضان، في يوم مستهله، نادى السلطان في القاهرة بأن أولاد الناس والأيتام من النساء والصغار يطلعون إلى القلعة، وأشيع بين الناس أن السلطان يقصد أن يرد جوامك الأيتام التي قطعت - وكان قصده ذلك حقيقا - فلما طلعوا إلى القلعة لم يمكنه الأتابكي

<<  <  ج: ص:  >  >>