وفيه جاءت الأخبار من المدينة المشرفة، على صاحبها فضل الصلاة والسلام، بوفاة الحافظ شمس الدين السخاوي، وهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان، وكان عالما فاضلا بارعا في الحديث، وألف تاريخا فيه أشياء كثيرة من المساوي في حق الناس، وكان مولده بعد الثلاثين والثمانمائة.
وفيه جاءت الأخبار من الصعيد بأنه قد قامت هناك فتنة كبيرة بين حميد بن عمر أمير هوارة، وهو أخو داود الماضي خبره، فوقع بين حميد وبين قريبه إبراهيم فتنة مهولة يأتي الكلام عليها.
وفيه كانت الفتن قائمة بين طائفة بني حرام، وبني وائل، حتى أعيا جان بردي الكاشف أمرهم، وخرجت إليهم تجريدة، وبها عدة من الأمراء. ولم يفد ذلك شيئا.
وفيه عين السلطان أبا يزيد الصغير بأن يتوجه إلى أقبردي الدوادار للصعيد، وصحبته خلعة وفرس بسرج ذهب وكنبوش، وعلى يده مراسيم شريفة لأقبردي الدوادار، بأنه على عادته في وظائفه حتى يصير له حرمة على العربان. ثم حضر إلى القاهرة عن قريب وكان من أمره ما سنذكره في موضعه.
وفيه خرج الحاج من القاهرة، وكان أمير ركب المحمل مصرباي أحد المقدمين، وبالركب الأول الناصري محمد بن العيني. وكان الحاج في تلك السنة قليلا.
وفيه صعد سليمان بن قرطام أحد مشايخ بني حرام إلى القلعة، وعلى رأسه منديل الأمان من السلطان. فلما مثل بين يديه لكمه قانصوه الفاجر، والي الشرطة، وأخذ منه منديل الأمان، والسلطان ساكت لم يتكلم. وثارت عليه جماعة من المماليك السلطانية، وقالوا:"هذا قتل خشداشينا الذين قتلوا بالخطارة، فكيف تعطونه منديل الأمان". فشق ذلك على السلطان، وقام من وفوق الدكة وهو غضبان من المماليك.
وفيه جاءت الأخبار من دمشق بوفاة قانصوه اليحياوي نائب الشام، وحضر سيفه.
وكان أصله من مماليك السيفي جقمق، وكان لا بأس به تولى عدة وظائف سنية، منها نيابة الإسكندرية، ونيابة صفد، ونيابة طرابلس ونيابة حلب، ونيابة الشام. وجرى عليه شدائد ومحن، وأسر عند يعقوب بك بن حسن الطويل في كائنة يشبك الدوادار مع بابندر ونفي إلى القدس، ثم تولى بعد ذلك نيابة الشام ومات بها وهو على نيابته. وكان من أجل الأمراء وأعظمهم قدرا.
وفيه توفي الشيخ الصالح المسلك نور الدين الذاكر ابن عين الغزال، وكان معروفا بالصلاح لا بأس به.