للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومماليكه، وأخذ صحبته أقباي نائب غزة رأس وبة كبير. فلما هرب توجه نحو الصعيد فأقام به حتى كان من أمره ما سنذكره.

وفيه توفي خالص الطواشي التكروري مقدم المماليك، وكان عنده لين جانب وكان لا بأس به. فلما مات قرر في تقدمة المماليك مثقال الحبشي البرهاني، الذي كان مقدم المماليك، ونفي إلى القدس وأعيد إلى القاهرة.

وفيه اشتد الحر وعز وجود السقائين، وتكالب الناس على الروايا والجمال حتى تخانقوا بالعصي، وبلغ سعر راوية الماء ثلاثة أنصاف.

وفيه من الوقائع الغريبة أنه في اليوم التاسع والعشرين من الشهر المذكور، أمر السلطان بأن تدق الكئوسات بالقلعة، وقال: "أنا أعمل العيد في الغد من هذا الشهر إن رأوا الهلال أو لم يروا".

فلما أشيع ذلك بين الناس ركب قاضي القضاة الشافعي زين الدين زكريا وطلع إلى القلعة، فاجتمع بالسلطان وعرفه بأن العيد لا يكون إلا إذا رؤي الهلال في تلك الليلة. فشق ذلك على السلطان، وهم بعزل القاضي في ذلك اليوم. فلما دخل الليل لم ير الهلال في تلك الليلة، وجاء العيد بالجمعة. وكأن الناصر تطير بالعيد أن يجيء يوم الجمعة، فكان ذلك على رغم أنفه.

*****

وفي شوال لم يخرج السلطان إلى صلاة العيد، ولا طلع الأتابكي تمراز إلى القلعة، ولا بقية الأمراء المقدمين، فبعث السلطان الخلع إليهم في بيوتهم. وفي أواخر ذلك اليوم طلع الخليفة ليهني السلطان بالعيد، وكان بقاعة البحرة مع الأوباش الذين يعاشرهم، فلم يخرج إليه السلطان، وأرسل يتشكر منه، وأمره بالانصراف، فعد ذلك من نواقص الملك الناصر.

وكان الملك الناصر في تلك الأيام في غاية الطيشان.

وفيه أنعم السلطان على قصروه بتقدمة ألف بمصر، وخلع على عمه قيت وقرره في نيابة القلعة عوضا عن قصروه، بحكم انتقاله إلى التقدمة، وقرر ولده جانم في الزردكاشية عوضا عن أبيه.

وفيه رسم السلطان لشخص من الأمراء يقال له: قانصوه الساقي، بأن يكون أمينا على باب القلعة عند سلم المدرج، يحيط علما بمن يطلع إلى القلعة أو ينزل منها، فعد ذلك من النوادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>