وفيه ثارت فتنة من المماليك الجلبان على السلطان، وطلبوا منه نفقة بسبب هذه النصرة التي وقعت له، فأنفق عليهم بعدما كانت فتنة كبيرة بسبب ذلك، فبلغت هذه الفتنة نحوا من خمسمائة ألف دينار. وصودر فيها جماعة كثيرة من المباشرين وغيرهم.
وفيه صار السلطان يخرج إقطاعات الناس والرزق والأملاك ويفرقها على مماليكه الجلبان. وحصل للناس الضرر الشامل بسبب ذلك.
وفيه قرر السلطان تمراز جوشن أمير آخور ثاني، وقرر قصروه في نيابة القلعة.
وفيه قبض أقبردي الدوادر على داود بن عمر أمير هوارة، وقد آل أمره فيما بعد إلى أنه شنق على باب شونة منفلوط بالوجه القبلي لأمور حقدها عليه.
وفيه جاءت الأخبار من نواحي هرمز بأن خسف بها مدينة كاملة بأهلها.
وفيه أكمل السلطان النفقة على الجند والأمراء.
وفيه توفي شهاب الدين أحمد بن عامر المغربي المالكي، وشيخ تربة الأشرف قايتباي، وكان عالما فاضلا صالحا متقشفا لا بأس به.
وفيه جاءت الأخبار بأن الطاعون قد وقع بمدينة غزة، وهو زاحف نحو البلاد المصرية.
وفيه خلع السلطان على وفاء الماوردي وقرره في أمرية دون أمير شكار، وأمر له بأن يتزيا بزي الأتراك ويلبس التخفيفة التي بالقرون والسلاري القصير الكم - وكان عاميا يلبس لبس العوام - فعد ذلك من نواقص الملك الناصر.
وفيه تزايد أذى الجلبان في حق أقبردي وصار مهددا بالقتل في كل يوم، حتى سأل السلطان أن يوليه نيابة الشام، ويخرج إليها خوفا على نفسه من الجلبان، فلم يسمح له السلطان بذلك.
*****
وفي رمضان في أول ليلة منه لم يطلع أحد من الأمراء، ولا أفطر عند السلطان على جاري العادة، وكثرت الإشاعات بوقوع فتنة كبيرة بسبب أقبردي.
فلما كان يوم السبت رابع شهر رمضان ركب الأمير أقبردي، ووافقه على ذلك تاني بك قرا أمير مجلس، وأقباي نائب غزة رأس نوبة النوب، وجانم مصبغة حاجب الحجاب، وجانم الأجرود كاشف منفلوط أحد المقدمين، وغير ذلك من الأمراء الطبلخانات والعشراوات، والجم الغفير من الجند، ممن كان من عصبة أقبردي، فوقع في ذلك اليوم واقعة مهولة، فانكسر أقبردي بعد العصر واختفى. فلما دخل الليل هرب أقبردي هو