القاهرة، فلم يجسر يفعل ذلك. ولكن عرضهم على السلطان فيما بعد في الخفية، ولم يشعر بهم أحد. فلما شق القاهرة وطلع إلى القلعة خلع السلطان عليه وعلى من جاء صحبته من الأمراء، وعلى شيخ العرب ابن نبيعة، ونزلوا إلى دورهم.
ثم أن الملك الناصر قصد أن يفتك بالمماليك الذين حضروا صحبة أقبردي، ممن أسر على خان يونس، فما جسر على ذلك وخشي من وقوع فتنة، فما وسعه إلا أن عفا عنهم، وأنفق على كل واحد منهم عشرة دنانير وأطلقهم، وخمدت فتنة قانصوه خمسمائة.
وفيه عمل السلطان الموكب، وحضر الأتابكي تمراز، وثاني بك قرا أمير مجلس، وأقبردي الدوادار. ثم أحضر المصحف العثماني إلى القلعة فحلف عليه الأتابكي تمراز وتاني بك قرا وأقبردي الدوادار - ولم يكن حلفهم قبل اليوم - بأنهم لا يخامرون ولا يعصون ولا يركبون على السلطان، فحلفوا على ذلك.
ثم أنه خلع على أقبردي الدوادار، وقرره في أمرية سلاح عوضا عن تاني بك الجمالي بحكم أنه اختفى، وقرره أيضا في الدوادارية الكبرى عوضا عن جان بلاط بن يشبك بحكم اختفائه، وقرره أيضا في الوزارة والأستادارية الكبرى، وكاشف الكشاف، عوضا عن كرتباي الأحمر بحكم اختفائه أيضا. فصار كما كان يشبك بن مهدي، وكان نهاية سعد أقبردي فأقام على ذلك مدة يسيرة نحوا من شهرين. وكان من أمره ما سنذكره في موضعه.
وفيه قرر كرتباي أمير آخور كبير، عوضا عن قانصوه الألفي بحكم قتله.
وفيه خلع السلطان على أقباي نائب غزة وقرره في رأس نوبة الكبرى عوضا عن قانصوه الشامي بحكم قتله بالإسكندرية. وأنعم على جانم الأجرود كاشف منفلوط بتقدمة ألف، وأنعم على برد بك المحمدي بتقدمة ألف، وأنعم على كرتباي أخي أقبردي تقدمة ألف، وقرر أينال باي نائب طرابلس على حاله، فأقام في القاهرة أياما ورجع إلى طرابلس على عادته.
وفيه رسم السلطان لكاتب السر وناظر الجيش ألا يخرجوا مراسيم سلطانية ولا مربعات ولا مناشير إلا بختم من وراء العلامة السلطانية، وأن يكتبوا أيضا وراء العلامة ما تضمنه ذلك المرسوم.
وفيه قويت الإشاعات بوقوع فتنة، وأخذ السلطان في تحصين القلعة، ونقل إليها أشياء كثيرة من الدقيق والبقسماط والأحطاب والماء والعليق، وغير ذلك، وكانت الأحوال في غاية الاضطراب، وظهر غالب من كان اختفى من عصبة قانصوه خمسمائة، وانتموا إلى