آخورية الكبرى، ثم بقي أتابك العساكر بمصر، ثم تسلطن وتلقب بالأشرف، وأقام في السلطنة ثلاثة أيام، وخرب بسببه عدة دور، وقتلت جماعة كثيرة من الأمراء. وكان قانصوه خمسمائة ليس له سعد في حركاته، وقتل وهو في عشر الخمسين. فلما عرضوا تلك الرؤوس شك أكثر الناس بأن هذه ليست برأس قانصوه خمسمائة، واستمروا على ذلك إلى الآن. والأصح أنها رأسه … فأمر السلطان أن تعلق بباب زويلة وباب النصر، واستمرت الكئوسات تدق بالقلعة سبعة أيام، وكذلك بيوت الأمراء المقدمين.
ثم أن أقبردي الدوادار أرسل يشاور السلطان في أمر هؤلاء الأمراء الذين أسروا بخان يونس، فبرزت إليه المراسيم الشريفة بقتلهم أجمعين. فلما وصل أقبردي إلى الخطارة سلم هؤلاء الأمراء إلى شيخ العرب أحمد بن قاسم بن بقرة، فأتى بهم إلى فاقوس وقتلهم أجمعين تحت جميزة كانت هناك. ثم رموهم ببئر كانت هناك، وانقضت أخبارهم. وقيل:
إن الذي باشر قتلهم تاني بك أبو شامة، وقتل تاني بك أبو شامة بعد مدة يسيرة كما سيأتي الكلام عليه … ومثل ما تعمل شاة الحمى في القرظ يعمل القرظ في جلدها. فكان عدة من قتل هناك من الأمراء نحوا من خمسة عشر أميرا. منهم مقدمو ألوف ثلاثة، وهم قانصوه الألفي، وكسباي الزيني، ويشبك قمر. وكان قانصوه الألفي من خواص الأشرف قايتباي، وتولى من الوظائف الدوادارية الثانية، ثم بقي مقدم ألف، ثم بقي أمير آخور. وكسباي الزيني تولى حسبة القاهرة، والدوادارية الثانية، ثم بقي مقدم ألف. ويشبك قمر تولى ولاية القاهرة، ثم مقدم ألف … ومات بقية الأمراء شر ميتة، حتى قيل: إن العرب قطعوا أرجلهم بالخناجر حتى أخذوا منها القيود الحديد، وألقوهم هناك في بئر خراب.
وأما من قتل هناك من الأمراء الطبلخانات. فالأمير قايتباي الأقرع الزردكاش الكبير، وبرسباي الخسيف أمير آخور ثاني، وقرقماش الشريفي المحتسب، وأسنباي المبشر أستادار الصحبة، وتمرباي، وتمراز الشيخ، ودولات باي بن جركس، وأزدمر الخازندار، ودولات باي المصارع وآخرون من الأمراء العشراوات. وقد تقدم القول على ذلك.
وكانت هذه الواقعة من أشنع الوقائع وأبشعها. وكان قانصوه خمسمائة لما تسحب من الأزبكية وقصد التوجه إلى غزة، أخذ عدة خيول للسلطان وللناس، كانت في المرابط على البرسيم في زمن الربيع فحصل بسبب ذلك غاية الضرر. وكانت تلك الأيام كلها اضطرابا.
وفيه أرسل السلطان الملك الناصر يستحث أقبردي الدوادار على الدخول إلى القاهرة، وكان ظن أن الوقت قد صفا له، ولكن حدث بعد ذلك أمور يأتي الكلام عليها.