وفيه من الوقائع أنه لما انكسر قانصوه خمسمائة توجه في ذلك اليوم قانصوه الشامي ومصرباي، والي القاهرة، فخرجا على جرائد الخيل إلى بر الجيزة، وتوجها من هناك إلى ثغر الإسكندرية، ليقتلا الأتابكي تمراز وتاني بك قرا - وكانا بالسجن كما تقدم - وكان قاني بردي البهلوان، أخو قانصوه خمسمائة، يومئذ نائب الإسكندرية … فلم يشكا بأن نائب الإسكندرية يمكنهما من قتل الأتابكي تمراز وتاني بك قرا. وكان تدبيرهما في يد غيرهما، فبينما هما في أثناء الطريق، إذ خرج عليهما جماعة من العربان في تروجة فتحاربا معهم، فانكسروا وقبضت عليهما العربان، فقتل مصرباي الثور، وحزت رأسه وعلقت على باب الإسكندرية. وأما قانصوه الشامي فقبضوا عليه، وأحضروا إلى الإسكندرية، فسجن بالبرج الذي كان فيه الأتابكي تمراز … والمجازاة من جنس العمل. وكانت مدة سجن الأتابكي تمراز بالإسكندرية ستة أشهر وأياما، وكذلك تاني بك قرا بعده بمدة يسيرة، وأخرجا من السجن معا. وقد قيل:
وكم من طالب يسعى لشيء … وفيه هلاكه لو كان يدري
فأقام قانصوه الشامي أياما في الجسن بثغر الإسكندرية.
وفيه بعث السلطان مراسيم على يد قانصوه دوادار الأمير شاد بك الخوخ الذي قتل، بضرب عنق قانصوه الشامي. فلما وصلت المراسيم إلى ثغر الإسكندرية أخرج قانصوه الشامي من برج الإسكندرية، وتوجه به إلى آخر المدينة وضرب عنقه. قيل: وكان المشاعلي غائبا والذي ضرب عنقه كان صبي المشاعلي. وقيل: إنه ضربه ثلاث ضربات حتى أطاح رسه وعذبه غاية التعذيب. وذلك أن قانصوه دوادار شاد بك الخوخ أخذ بثأر أستاذه منه، وعلقت رأسه على باب الإسكندرية، وهي مشهورة، فكان أول من قتل من الأمراء. وكان شجاعا بطلا عارفا بأنواع الفروسية وكان لا بأس به وفي أثنائه وصل الأتابكي تمراز وتاني بك قرا فخرج الناس إلى ملتقاهم، وطلعا إلى القلعة في موكب حافل، وعليهما الملاليط الطرح. فلما قابلا السلطان خلع عليهما، ثم أعاد تمراز إلى الأتابكية عوضا عن قانصوه خمسمائة. وخلع على تاني بك قرا وقرره في أمرية مجلس، عوضا عن أزبك اليوسفي المعروف بالخازندار، وأنعم على قاني بك المعروف بنائب الإسكندرية وقرره من جملة المقدمي الألوف. وقرر خشكلدي في أستدارية الصحبة وعزل أينال السلحدار عن ولاية القاهرة، وقرر بها قانصوه الفاجر عوضا عن أينال.
وفيه أنعم السلطان على مصرباي الشريفي شاد الشرابخاناه بتقدمة ألف، وخلع على خاله المقر السيفي قانصوه بن قانصوه، وقرره في شادية الشرابخاناه وأنعم عليه بأمرية