للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان يوم السبت مستهل جمادى الآخرة طلع الخليفة إلى القلعة والقضاة الأربعة يهنئون السلطان بالشهر، وبهذه النصرة التي حصلت له.

ثم أن الخليفة أعاد الناصر إلى السلطنة وبايعه ثانيا، وكان خلع من السلطنة، وأقام ثلاثة أيام إلى أن عاد إليها. وقيل: إن الملك الناصر رشد في ذلك اليوم وثبت رشده. وأباحوا له التصرف في المملكة بما يختار. ثم أنه خلع على الخليفة، ونزل إلى داره، وضربت البشائر بالقلعة، وتخلق جماعة السلطان بالزعفران، وفرق على الخاصكية سلاريات حرير أصفر بسنجاب، وتوشحوا بالبنود الحرير الأصفر.

وفي ذلك اليوم رسم السلطان بالإفراج عن الأتابكي تمراز الشمسي، وتاني بك، فتوجهوا بالمراسيم إلى ثغر الإسكندرية إلى مغلباي الشريفي وهو الآن الزردكاش الكبير. وكتب السلطان أيضا مراسيم إلى أقبردي الدوادار بالحضور، وتوجه إليه جاني باي.

وفي ذلك اليوم خلع السلطان على أينال السلحدار، وقرره في ولاية القاهرة، عوضا عن مصرباي الشور، بحكم اختفائه. وصرف نظر الجيش عن عبد القادر القصروي، وأعيد إليها الشهابي أحمد بن ناظر الخاص يوسف. وقرر البدري محمد بن كمال الدين ناظر الجيش في نظر الجوالي عوضا عن الناصري محمد بن العيني بحكم صرفه عنها. وقرر شمس الدين الفرنوي في نظر الأحباس، عوضا عن محمد بن مزاحم الطرابلسي. وعين الأمير سودون العجمي في نيابة الإسكندرية عوضا عن قاني بردي البهلوان، وأرسل بالقبض عليه. فلما جرى ذلك وقع النهب في بيوت الأمراء الذين اختفوا لما انكسر قانصوه خمسمائة. وأقامت القاهرة نحوا من أربع عشرة ليلة لم يدق فيها طبلخانات بموجب اختفائهم. واضطربت الأحوال.

وفي هذه المدة كانت القلعة شاغرة لم يقم بها خدمة، ولا يصعد إليها أمير، والاشاعات كل ليلة قائمة بوقوع فتنة. وكثر القال والقيل في ذلك، وامتنع الناس من السفر إلى الشرقية والغربية، لتزايد فساد العربان في الطرقات، والقاهرة مائجة بأهلها يترقبون فتنة كبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>