لم يشرب قط خمرا، ولا كان يستعمل شيئا من الأشياء المخدرة. وكان له اشتغال بالعلم، كثير المطالعة في الكتب، وله أذكار وأوراد جليلة إلى الآن تتلى في الجوامع. وكان له اعتقاد في الفقراء، ويعظم العلماء، عارفا بمقام الناس، ينزل كل أحد منزلته.
وكان تابعا لطريقة الصوفية في التقشف، وكان لا يوصف بالكرم الزائد، ولا بالبخل المفرط، وكان له بر ومعروف. ووقف عدة جهات على وجوه البر والصدقة. وكانت محاسنه أكثر من مساويه، رحمة الله عليه. ولم يخلف من الأولاد سوى ولده محمد الذي تسلطن من بعده، وكان من سريته أصلباي. ولم يتزوج مدة عمره سوى فاطمة بنت العلائي علي بن خاص بك، واستمرت معه إلى أن مات رحمة الله تعالى عليه.
وفي أيامه توفي الأديب زين الدين أبو الخير بن النحاس، وكان من أعيان الشعراء في عصره، وكانت وفاته بالشام.
ولما مات الأشرف قايتباي رثاه الشيخ بدر الدين محمد بن الزيتوني بهذا الزجل فقال:
يرحم الله سلطاننا الأشرف … كان مؤيد على العدا ظاهر
وكذا إبنوا المظفر المنصور … ينصر الله العادل الناصر
***
لما زاد الضعف بقايتباي … والدوادار في غاية الإمكان
وتوافق مع الأمير تمراز … وطلع قانصوه إلى الميدان
وأتى القلعة مع كرتباي … والأمارة وهدموا البنيان
***
هرب أقبردي وقيدوا تمراز … وتولى سلطاننا الناصر
من يخالف أمره ومن يعصيه … رد مقهور والأمر للقاهر
***
فولى الملك سادس العشرين … من شهر ذي القعدة طلوع شمسو
بعد واحد من السنين تالي … تسعماية بعد انقضا أمسو
وتوفي أبوه أخير النهار … في صباحو واروه حلول رمسو
***
بعد ملكه تسعة وعشرين عام … وأربعة أشهر بالكاتب الحاصر
ويليها واحد وعشرين يوم … لا تزيد أول ولا آخر
مات الأشرف والقبر صار حاويه … بعد لسعو بالموت وسمو حاق
وسر فيه سم الدبيب حائق … ما وجد لو من ذي القضا ترياق
وقد أمسى مرهون بأفعالو … وأتت لو آفة قضاه تنساق