وفي رمضان وقع بالقاهرة بعض اضطراب، وسبب ذلك مضى الثلاثين من شعبان، ولم ير الهلال، فأكل غالب الناس في أول رمضان، فنادى القاضي الشافعي بالإمساك فثار عليه العوام، وقصدوا الاخراق به، فثبت رمضان برؤية الهلال قريب الظهر. ولكن أفطر غالب الناس في ذلك اليوم.
وفيه وقع بين تنم الضبع أخي تبك الجمالي، وبين القاضي أبي الفتح السوهاجي، تشاجر بسبب هدم مكان. فسب الأمير تنم الضبع السوهاجي، فشكا إلى الأمير يشبك.
فطلب تنم فلما حضر أمر بضربه بين يديه، فضرب ولم يوقره لأخيه تبك الجمالي، فحصل بسبب ذلك بعض قلقلة بين الأمراء.
وفيه جاءت الأخبار من حلب، بأن السلطان لما توجه إلى الفرات أقام هناك أياما. ثم عاد إلى حلب ورحل عنها، وقصد التوجه إلى حماة، فلما دخلها وأقام بها، حصل له هناك مرض في جسده، فلما ثقل في المرض وعجز عن الحركة، أحضروا له محفة فحمل لها، وتوجه إلى دمشق فدخلها وهو مريض على غير استواء. فكثر القليل والقال بين الناس، وصار في كل يوم يشاع بالقاهرة خبر جديد بأن السلطان مات ودفن هناك … فاضطربت أحوال الأمراء في بعضهم، وأظهر كل واحد منهم ما في نفسه من السلطنة. وأرجفت القاهرة بموت السلطان غير ما مرة. ونقل للأمير يشبك الدوادار بأن برد بك جيش، أحد الأمراء الآخورية، وكان من أخصاء جانبك الفقيه أمير سلاح، قد مشى بين طائفة المماليك الخشقدمية، بأن يكونوا من عصبة جانبك الفقيه. وإذا صح موت السلطان يقومون معه ويسلطنونه.
وكان جاني بك الفقيه تحدثه نفسه بالسلطنة، ويقرب الفلكية والمنجمين، وحظي عنده جماعة بسبب ذلك.
ثم أن الأمير يشبك أرسل خلف برد بك جيش، وذكر له ما نقل عنه، فأنكر ذلك وحلف أيمانا عظيمة أنه لم يصدر منه شيء من ذلك، فقامت عليه البينة وكذبوه في وجهه. فسكت ولم ينطق بحرف واحد، فعند ذلك أمر الأمير يشبك بضربه، فضرب بين يديه ضربا مبرحا حتى أشرف منه على الهلاك. ثم أقامه وأحضر له عمامة يهودي صفراء، ألبسها له، وقصد يشهره بالقاهرة. فشفع فيه بعض الأمراء، فأركبه على حمار وجرسه بين يديه في الدوار. ثم شكه في الحديد، وأمر بنفيه إلى ألواح؟