للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الخميس عشره، كان عيد النحر، فصنع الأمير سنان مدة حافلة بالقلعة لأجل الإصباهية والإنكشارية والكملية، فتناهبوا تلك المدة على لمح البصر، وقد ذاق الأمير سنان طعم المملكة، ودخلت حلاوتها في أسنانه.

وفي يوم الخميس سابع عشرة، نادى الأمير سنان بعد العصر في القاهرة بأن السلطان سليمان استقر بالوزير الأعظم مصطفى باشا نائبا على مصر عوضا عن خاير بك بحكم وفاته. وقد وصل ذلك النائب إلى الإسكندرية، ثم نادى في ذلك اليوم للناس بالأمان والاطمئنان، والبيع والشراء وأن لا أحد يكثر كلاما فيما لا يعنيه.

فلما تحقق الناس ذلك، خرج المباشرون وأعيان الناس إلى ملاقاة ذلك النائب، وأشيع أن الأمير جانم الحمزاوي قادم صحبة النائب، وأنه قد وصل إلى قليوب، فخرج غالب العسكر العثماني إلى ملاقاته.

فلما كان يوم الأربعاء ثالث عشري ذي الحجة وصل الوزير الأعظم مصطفى باشا إلى ساحل بولاق. فلما أشيع ذلك نزل الأمير سنان من القلعة، والأمير خير الدين نائب القلعة، وأتى إليهم الأمير خضر العثماني، وأتى إليهم الكواخي أغوات الإنكشارية، وأتى الأمير أرزمك الناشف أغات المماليك الجراكسة، وسائر الإصباهية والإنكشارية والكملية قاطبة، وتوجهوا إلى بولاق لأجل ملاقاة النائب مصطفى باشا.

فلما وصلوا إلى بولاق، أحصروا للنائب فرسا من الخيول الخاص، وليس خلعة السلطان، وهي بتماسيح على أحمر، وأحضروا لجماعته نحو أربعمائة فرس، فركب النائب من هناك هو وجماعته، ومشت الإنكشارية قدامه والكملية قاطبة يرمون بالنفوط، وركب جميع الإصباهية وأمراؤهم، وجميع الأمراء الجراكسة وأتباعهم، وأعيان الناس قاطبة.

فدخل من باب البحر واستمر إلى باب القنطرة، فشق من سوق مرجوش، ثم شق من القاهرة في موكب حافل مثل موكب ملك الأمراء خاير بك، وكان الأمير سنان عن يمينه، والأمير جانم الحمزاوي عن يساره وعليه خلعة بتماسيح ذهب، والأمير خير الدين نائب القلعة، والأمير خضر قدامه، وعلى رأسه صنجق بقمع فضة، ومن ورائه طبلان وزمران عثمانية، وخلفه جماعة بطراطير خمر بغصائب ذهب.

فلما شق من القاهرة ارتفعت له الأصوات من الناس بالدعاء، وانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان، وكان ذلك اليوم مشهودا.

وكانت صفته أنه أبيض اللون، عربي الوجه حليق اللحية، ليس له غير شاربين أصفرين، معتدل القامة، وعليه حشمة وخفر، وقيل هذا أعظم وزراء ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>