للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عند العثمانية عادة إذا مات صاحب المدينة ينهبون المدينة عن آخرها، فمنعهم الأمراء التركمان من ذلك، وقالوا لهم: متى نهبتم المدينة تقتلكم عوام مصر، ويحصل بينهم وبينكم فتنة عظيمة، وتخرب مصر عن آخرها، فسكن الاضطراب قليلا.

ثم في يوم الاثنين، لما دفن خاير بك، تحول الأمير سنان، وطلع إلى القلعة من يومه، وسكن بها، فوقع بين الأمير سنان والأمير خضر تشاجر بسبب النيابة، فأظهر الأمير سنان مرسوما وعليه علامة السلطان سليمان، بأنه إذا توفي ملك الأمراء خاير بك يكون عوضا عنه في نيابة مصر، فوقع الاتفاق بينهما بأن يستقر بالقلعة، ويكاتب السلطان بموت خاير بك، وينتظر الجواب بما تقتضيه الآراء الشريفة في ذلك.

ثم أن الأمير سنان عرض ما في بيت المال من المال، فوجد خاير بك خلف من المال على ما قيل: ستمائة ألف دينار، خارجا عما كان في بيت المال.

ثم أن الأمير سنان بك خلع على القاضي شرف الدين الصغير واستقر به متحدثا على جهات الغربية وخلع على الشهابي أحمد بن الجيعان، وشرف الدين بن عوض، وجعلهما متحدثين على جهات الشرقية، فامتنع الشهابي أحمد كل الامتناع من البس القفطان وقال:

أنا أصبحت رجلا فقيرا لا أملك من الدنيا شيئا، وأنا ما بقيت أباشر شيئا فأرسلوني إلى إسطنبول أو إلى مكة المشرفة. ورد على الأمير سنان ذلك القفطان.

وخلع على القاضي بركات المحتسب، وجعله متحدثا على جميع جهات الشرقية من دمياط إلى المطرية على عادته. وخلع على محيي الدين بن أبي أصبع، وجعله متحدثا على ديوان الوزارة وديوان الخاص على عادته كما كان.

وفي ذلك اليوم نزل حريم خاير بك من القلعة على وجوههن وهن في غاية الذل.

وفي يوم الأربعاء سابع عشره رسم الأمير سنان بتوسيط شخص من الأصباهية فوسطه في الرميلة. وسبب ذلك أنه خطف خرقة جوخ ثمنها مائة وعشرون دينارا، فطلع صاحب الجوخة إلى الأمير سنان وشكا له ذلك الشخص الأصباهي، فقال له الأمير سنان:

ألك عليه بينة بأنه خطف منك الخرقة الجوخ؟ فقال له: نعم، وأحضر له من شهد عليه بذلك، فأرسل خلف الأصباهي وسأله عن ذلك فاعترف، وأحضر الخرقة الجوخ، وأعادها إلى صاحبها، ومضى بها. ثم أنه رسم بتوسيط الأصباهي فوسطوه في الرميلة عند باب الميدان، وهذا أول حكم الأمير سنان في القتل.

ثم أن الأمير سنان رسم بأن يعين جماعة من الانكشارية في بيت المحتسب يضبطون ما يتحصل من أموال الحسبة في كل يوم، وجعل مثل ذلك في بيت الوالي، وبيت محيي الدين بن أبي أصبع لكونه متحدثا في ديوان الوزارة والخاص، وجعل مثل ذلك في ديوان

<<  <  ج: ص:  >  >>