للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه أرسل فخر الدين بن عوض إلى بلاد الصعيد، ومسح الرزق الأحباسية، وأدخلها في الديوان ولم يفرج عنها، وحصل للناس بسبب ذلك غاية الضرر، فقيل: إنه أخرج ألفا وثمانمائة رزقة، منها ما كان على الزوايا والمساجد والترب وغير ذلك.

ومنها أنه كان سببا لخراب الديار المصرية ودخول سليم شاه إلى مصر، وحسن له عبارة أخذ مصر، وضمن له أخذها من غير مانع، وعرفه كيف يصنع حتى ملكها، وجرى منه ما جرى، وقتل الأمراء والمماليك الجراكسة، وشنق السلطان طومان باي على باب زويلة، وكل ذلك بترتيبه ودوليته.

وكان كثير الحيل والخداع والمكر، وكان من دهاة العالم لا يعلم له حال. ولو ذكرت مساويه كلها لطال الشرح في ذلك، وقد قلت فيه هذه الأبيات عن لسانه:

أصبحت بقاع حفرة مرتهنا … لا أملك من دنياي إلا كفنا

يا من وسعت عباده رحمته … من بعض عبيدك المسئين أنا

فلما تحقق الناس موت ملك الأمراء ارتجت القاهرة، وأشيع أن التركمان ينهبون الأسواق، فانتقل مكان الجسر من بركة الرطلي على لمح البصر ووزع الناس أمتعتهم في الحواصل.

ثم طلع الأمير سنان بك إلى القلعة، وحضر الأمير خير الدين بك نائب القلعة، والأمير خضر بك، والكواخي أغوات الانكشارية، فلما اجتمعوا ضربوا مشورة في أمر المملكة، وما يكون من أمر العثمانية، فالتزم الأمير خير الدين نائب القلعة والكواخي بأمر الانكشارية، والتزم الأمير سنان بك والأمير خضر بك بأمر الأصباهية وغير ذلك من الكملية، ثم حضر الأمير أرزمك الناشف، فألزموه بأمر المماليك الجراكسة وما يحصل منهم.

ثم ختم نائب القلعة والأمير سنان بك على الحواصل التي بالقلعة.

ثم أن الوالي والقاضي بركات المحتسب نزلا من القلعة وناديا في القاهرة بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، وأن لا أحد يغلق له بابا ولا دكانا، والدعاء للسلطان سليمان بالنصر، فارتفعت له الأصوات من الناس بالدعاء قاطبة، فكرروا هذه المناداة يوم الأحد ويوم الاثنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>