للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك حتى تحرك الخنكار سليم شاه بن عثمان على السلطان الغوري وانكسر، وكان خاير بك سببا لكسرة الغوري.

فلما ملك سليم شاه الديار المصرية ورجى منه ما جرى، وأراد التوجه إلى بلاده، خلع على يونس باشا وقرره نائبا على مصر، ثم بدا له أن يقرر خاير بك نائب حلب على نيابة مصر عوضا عن يونس باشا، فخلع عليه في يوم الثلاثاء ثالث عشر شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفع إليه خاتم الملك، فاستمر على نيابته بمصر إلى أن مات في يوم الأحد رابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، فكانت مدة نيابته بمصر خمس سنين وثلاثة أشهر وسبعة عشر يوما، بما فيها من مدة انقطاعه عن المحاكمات، وتوعك جسده.

وأما ما عد من مساويه، فإنه كان جبارا عنيدا سفاكا للدماء. قتل في مدة ولايته ما لا يحصى من الخلائق، وشنق رجلا على عود خيار شنبر أخذه من جنينته، وشنق من الناس ووسط وخوزق جماعة كثيرة، واقترح لهم أشياء في عذابهم، فكان يخوزقهم من أضلاعهم، ويسميه شك الباذنجان، فقتل بمصر وحلب فوق العشرة آلاف رجل، وغالبهم راح ظلما.

ومنها أنه أتلف معاملة الديار المصرية من الذهب والفضة والفلوس الجدد، وسلط إبراهيم اليهودي معلم دار الضرب على أخذ أموال المسلمين.

ومنها أنه قرب شخصا من النصارى يقال له: يونس، وجعله متحدثا على الدواوين، وصار المسلمون يقفون في خدمته ويخضعون له.

ومنها أنه كان يكره الفقهاء وطلبة العلم والعلماء وعزل القضاة الأربعة ونوابهم قاطبة، ومنع الشهود أن يجلسوا في الحوانيت ويتقاضوا أشغال الناس.

ومنها أنه كان يكره المماليك الجراكسة ويعوق جوامكهم ستة أشهر، ثم يصرف لهم شهرين بألف جهد.

ومنها أنه شوش على جماعة من أعيان المباشرين وضربهم وبهدلهم وعوقهم في الترسيم نحو خمسة أشهر، ولا سيما ما جرى على الشهابي أحمد بن الجيعان، فإنه سلب نعمته، وأخذ منه فوق السبعين ألف دينار، حتى باع جميع أملاكه وقماشه ورزقه، وبقي على الأرض.

ومنها أنه ندب يوسف بن أبي الفرج وقرره في وظيفة يقال لها: مفتش الرزق الجيشية، فحصل للناس منه غاية الضرر الشامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>