للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما تزايد الأمر بملك الأمراء أعتق جميع جواريه وعبيده ومماليكه، ثم أنه دفع للقاضي بركات بن موسى المحتسب ألف دينار فضة، ورسم بعشرة آلاف اردب قمح من الشونة، ورسم للمحتسب بأن يفرق ذلك كله على مجاوري الجامع الأزهر، والمزارات والزوايا التيب بالقرافتين قاطبة ومجاوري مقام الإمام الشافعي والإمام الليث ، ويفرق باقي ذلك على الفقراء والمساكين ومن عليه دين، ففرق ذلك كما رسم له ملك الأمراء.

ثم إنه رسم بإخراج مراسيم للقاضي شرف الدين ابن عوض بأن يفرج عن أصحاب الزرق الأحباسية التي كان أدخلها إلى الديوان السلطاني، وكان قدرها نحو أل وثمانمائة رزقة، فأفرج عنها لأصحابها، وأعاد مكاتيب الرزق الجيشية التي كان أخرجها المفتش يوسف بن الجاكية إلى أصحابها، ثم صار يقول للمباشرين الذين شوش عليهم: حاللوني وأبرئوا ذمتي. فحاللوه غصبا.

وفي يوم الجمعة ثاني عشره رسم بإطلاق المحابيس رجالا ونساء، فتوجه القاضي شرف الدين الصغير والقاضي المحتسب إلى بيت الوالي، وعرضوا من في سجن الديلم والرحبة، فطلعوا بالمحابيس في زناجير مشاة وتوجهوا بهم إلى بيت الوالي، فلما عرضهم هناك، صار القاضي شرف الدين الصغير والقاضي المحتسب يصالحون أصحاب الديون الذين عليهم من أربعين أشرفيا ونازل، فيقولون لأصحاب الديون اتركوا لأجل ملك الأمراء الباقي. فصالحوا أرباب الديون بقدر يسير، وفعلوا ذلك بجماعة كثيرة من أرباب الديون، وفيهم جماعة من أعيان الناس.

وأطلقوا جماعة كثيرة من الضمان، وجماعة من الفلاحين، فقيل: أطلقوا من سجن الرحبة أربعين إنسانا، وأطلقوا من سجن الديلم دون ذلك، ولم يتركوا بالسجنين غير الحرامية، ومن عليه دم.

ولم ير الناس في أيام ملك الأمراء خاير بك أحسن من هذه الأيام، فإنه جاد مع الناس وبر الفقراء والمساكين، ولم يعرف الله إلا وهو تحت الحمل، فلم يفده من ذلك شيء، ويأبى الله إلا ما أراد.

ويقرب من هذه الواقعة ما وقع للأشراف الغوري لما حصل له عارض في عينيه، فجاد على الناس إلى الغاية، وأفرج عمن بالسجون، وعن جماعة من المباشرين ممن كان في الترسيم بمال له صورة، وكانت تلك الأيام خيار دولته على الإطلاق.

ويقرب من ذلك ما وقع للأشرف قايتباي لما وقع عن الفرس وانكسر فخذه، وأقام منقطعا في القاعة التي بجوار الدهيشة، وجلس على سرير مقور، وصارت الناس تدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>