حسابك من حين قررت في هذه الوظيفة، فقيل أنه أورد سبعمائة دينار، فقال له القاضي المحتسب: جلبت الدعاء على ملك الأمراء لأجل هذا القدر الهين … لا جزاك الله خيرا!.
وفي يوم الجمعة ثالث عشرية، نزل ملك الأمراء وتوجه إلى نحو الجامع الأزهر ليصلي هناك صلاة الجمعة، وكان صحبته الأمراء العثمانية الذين بمصر، وجماعة من الأمراء الجراكشة، منهم الأمير أرزمك الناشف. فلما انقضى أمر صلاة الجمعة، وقصد أن يركب، وقف إليه رضى الدين بن الدهانة وجماعة من الفقهاء وقالوا له: يا ملك الأمراء انظر في أحوال الرعية. فقال: نعم، وركب بسرعة، وخرج من باب الجامع، وتوجه إلى القلعة.
وقيل: إن ملك الأمراء تصدق في ذلك اليوم على مجاوري الجامع الأزهر بخمسمائة دينار، وكان الذي تولى أمر الصدقة في ذلك اليوم شهاب الدين المحلي إمام أمير آخور كبير، فما لاقى في ذلك اليوم خيرا بسبب تفرقة الصدقة، وحصل له غاية البهدلة من الناس.
وفي يوم السبت رابع عشريه، نودي في القاهرة عن لسان ملك الأمراء، بأن جميع القضاة والشهود يحضرون بدفاترهم إلى المدرسة الصالحية، ويسلمون ذلك إلى القاضي صالح نائب قاضي العسكر، فلم يوافق أحد من الناس على ذلك وأبطلوا هذا الأمر.
وفيه أشيع أن العربان قطعوا جسر الحلفاية، فنقص البحر في تلك الليلة ثماني أصابع، وكان في قوة الزيادة، فاضطربت أحوال الناس.
ثم في يوم الخميس زاد الله في النيل المبارك أصبعين من النقص، فسكن ذلك الاضطراب، واستمرت الزيادة عمالة إلى بابه.
*****
وفي شهر شوال، وكان مستهله يوم السبت، وهو عيد الفطر، فكان أكثر العساكر مسافرا في غزوة رودس، وكذلك الأمير قايتباي الدوادار وجماعة من الأمراء، فلما صلى ملك الأمراء صلاة العيد مد مدة حافلة، وكانت الأصباهية والإنكشارية تتخاطفها، وكان هذا العيد خامدا.
وفي يوم الأحد ثانية حضر أولاق من البحر وعلى يده كتاب من عند الأمير جانم الحمزاوي إلى ملك الأمراء، فقرئ بحضرة القاضي شهاب الدين بن شيرين، فكان من مضمونه أن الأمير قايتباي الدوادار، ومن معه من العساكر والأمراء والمماليك الجراكسة قد وصلوا إلى رودس في ثالث عشر رمضان، فوجدوا السلطان سليمان في جزيرة تجاه رودس، فأقاموا ثلاثة أيام لم يجتمعوا بالسلطان. ثم في اليوم الثالث أوكب السلطان سليمان وجلس للعسكر جلوسا عاما في ذلك اليوم.