الجديدة، فوقف الحال بسبب ذلك، ولا سيما حال الفلاحين في البلاد، فإن العمال يحاسبونهم في الدينار عن القبض بنصفين وربع من الفضة الجديدة، ويقيمونه عليهم وقت الحساب بنصف واحد، فخرج غالب البلاد بسبب هذه المعاملة وغير ذلك. وكانت أحوال الناس في غاية الاضطراب بسبب الرزق الأحبلسية التي أدخلها فخر الدين بن عوض في ديوان السلطان، وصار ملك الأمراء كل من طلع له بمكتوبة أو مربعته، يأخذ ذلك منه، ويقول له: هذا دخل ديوان السلطان. فحصل للناس غاية الضرر من كل وجه.
ومن الحوادث أن ملك الأمراء طلب التجار قاطبة، وكتب عليهم قسائم ألا يتعاملوا إلا بالذراع العثماني في البيع والشراء، وأبطل الذراع القديم الهاشمي، وكتب القسائم على التجار بذلك، وهو يزيد عن الذراع القديم نحو ربع ذراع.
واستهل رمضان وقضاة القضاة الأربعة منفصلون عن القضاة، والمباشرون في الترسيم بالقلعة من حين جرى عليهم ما جرى.
وفي يوم الخميس ثامنه من ليلة الجمعة، رأى الناس كوكبا عظيما جاء من نحو الغرب، وخلفه شرار كمثل عمود النار، فاستمر ماشيا في السماء إلى نحو الشرق فاختفى، وقد شاع خبره بين الناس لما طلع النهار.
وفي يوم الأربعاء رابع عشر شهر رمضان كان وفاء النيل المبارك، ووافق ذلك ثالث عشر مسرى.
وفتح السد في يوم الخميس خامس عشر رمضان، الموافق لرابع عشر مسري، فأوفى الله الستة عشر ذراعا وزاد ثلاث أصابع من الذراع السابع عشر. فلما أوفى نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجه إلى المقياس، وخلق العمود، ونزل في الحراقة وصحبته الأمراء العثمانية، ففتح السد الذي عند رأس المنشية، ثم ركب من هناك وتوجه الوالي ففتح السد الثاني الذي عند قنطرة السد، وكان ذلك اليوم مشهودا. وكان ذلك آخر فتح ملك الأمراء للسد، ومات بعد ذلك بشهرين، وفي ذلك يقول الناصري محمد بن قانصوه:
خليج السد يوم الكسر جبر … بماء للعيون يرى بهيجا
وهذا اليوم يوم الجبر فاسرع … بنا قطعا نرى هذا الخليجا
وفيه قدم أولاق من البحر المالح وأخبر عن السلطان سليمان أنه في المحاصرة مع الفرنج، وكثر القال والقيل بين الناس بسبب ذلك.