للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنفي المكتوب الذي صنعوه، دفعه ملك الأمراء إلى القاضي صالح العثماني، وقال له:

انظر في هذا المكتوب، فلما قرأه قال: هذا الحكم الذي حكم به قاضي القضاة الحنفي باطل لا تجوز قراءته، فحصل لقاضي القضاة في ذلك المجلس غاية البهدلة، وأسمعته الفقهاء الكلام المنكي، وانتصف عليه أبو الفتح في ذلك الحكم الذي حكمه، فقام قاضي القضاة من ذلك المجلس وهو يتعثر في أذياله مما قاس من البهدلة من ملك الأمراء ومن القاضي صالح وغيره. وكان قاضي القضاة الحنفي غير محب للناس، وكان عنده صعصعة وجنون، وسوء تدبير ويبس طباع، مع وهج وخفة زائدة، مع عبوسة وجه وشناعة زائدة، وقد قلت فيه:

رب قاض قد اعتراه جنون … شأنه الوهج ما لديه سكون

لم يفده علمه إذا ضل شيئا … فهو فينا معلم مجنون

وقولي أيضا:

كم ضاع للنعمان من مذهب … في عصرنا لما تولى فلان

تبا له من حاكم أهوج … أحكامه مشهورة بالجنان

وفي يوم الأربعاء سلخ شهر شعبان، كانت ليلة رؤية هلال رمضان، فلم يحضر من قضاة القضاة أحد إلى المدرسة الصالحية على جاري العادة، فإنهم كانوا منفصلين عن القضاة، فحضر بعض نواب القضاة، منهم شمس الدين المجولي، وشهاب الدين أحمد بن شيرين الحنفي، وفتح الدين الوفائي المالكي، ونظام الدين الحلبي الحنبلي، وحضر القاضي بركات بن موسى المحتسب.

فلما رئي الهلال ركب من هناك القاضي بركات المحتسب، وشق من بين القصرين في موكب حافل، وقدامه عدة فوانيس ومشاعل على جاري العادة في كل سنة.

*****

فلما كانت ليلة الخميس أهل شهر رمضان، فلم يطلع من قضاة القضاة أحد للتهنئة بالشهر، وكان الناس في غاية الاضطراب بسبب المعاملة، فإن الدينار السليماني يصرف بخمسة وأربعين نصفا من الفضة القديمة حسابا عن كل نصف بنصفين وربع من الفضة

<<  <  ج: ص:  >  >>