للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجماعة من الأمراء العثمانية، فودعوه من عند تربة العادلي ورجعوا، فلما خرج قاضي العسكر من مصر أراح الله تعالى المسلمين منه، فما حصل منه لأهل مصر خير فعزلت القضاة الأربعة بسببه، وأخرج عنهم الأنظار، ومنع الشهود من الجلوس في المجالس قاطبة، واستمرت دكاكينهم مغلوقة، ومنع نواب القضاة الأربعة من الأحكام الشرعية، ولم يبق منهم غير من تقدم ذكرهم، وضيق على الناس في أمر عقود الأنكحة، وقرر عليهم ما تقدم ذكره من المبلغ، وصار لا يعقد عقد إلا في المدرسة الصالحية، وضيق على النساء بما تقدم ذكره من الخروج إلى الأسواق، ومن ركوب الحمير، فلما خرج من مصر صفقت النساء، ورقصت. وضيق على أهل مصر في أمور كثيرة يطول شرحها.

ولما خرج قاضي العسكر توجه إلى نحو الطور، فقيل أن ملك الأمراء أنعم عليه بعشرة آلاف دينار غير المغل الذي أرسله إليه لما قدم من إسطنبول.

ولما توجه قاضي العسكر إلى الحجاز، أشيع أن السلطان سليمان أرسل أربعين ألف دينار على يد شخص من العثمانية بسبب عمارة العين التي بمكة المشرفة، لما تعطلت، وهي التي بالحرم، وعمارة المنارة التي بالحرم النبوي.

ولما خرج قاضي العسكر خرج صحبته جماعة كثيرة من الأصباهية ومن أهل مصر، وخرجت صحبته زوجة الأمير سنان في محفة. فلما سافر قاضي العسكر جعل القاضي صالح العثماني الحنفي نائبا عنه يحكم في المدرسة الصالحية إلى أن يحضر من السفر من الحجاز.

وكان قاضي العسكر قبل أن يسافر ولي ستة وعشرين نائبا من نواب القضاة الأربعة، وجعل منهم من هو في بولاق، وفي مصر العتيقة، وفي جامع طولون، وفي الحسينية، وغير ذلك من الأماكن. وجعل في كل مجلس أربعة نواب يقضون بين الناس بالحق، وجعل على كل مجلس شيئا معلوما، وعليهم شاويش من العثمانية يضبط من يتحصل في كل يوم من أجرة أشغال الناس، فيقسم للقاضي من ذلك المتحصل شيئا وللشهود شيئا وله شيء ثم يأخذ الباقي ويضعه في صندوق برسم السلطان سليمان يودع بيت المال.

ومن الحوادث الشنيعة ما وقع لقاضي القضاة الحنفي علي بن ياسين الطرابلسي بسبب وقف الخواجا شهاب الدين أحمد بن صالح السكندري، وذلك أنه طلع قاضي القضاة الحنفي إلى ملك الأمراء، فلما رآه مقبلا من بعد قال: ايش طلع هذا الثقيل بعمل؟ فلما جلس وأخرج مكتوب الوقف الذي زوروه، وثبت عليه، انتبذ له جماعة من القضاة، وحضر أبو الفتح الوفائي المالكي الذي حكم لابن الخواجا شهاب الدين السكندري، وحضر ذلك المجلس القاضي صالح العثماني نائب قاضي العسكر. ولما أخرج قاضي القضاة

<<  <  ج: ص:  >  >>