ثم في يوم الاثنين ثامن عشرية، أنفق ملك الأمراء على الجراكسة جامكية أربعة أشهر، كانت لهم منكسرة في الديوان، ولم يعطهم زيادة على ذلك.
ثم أن ملك الأمراء عين الأمير قايتباي الدوادار باشا على الأمراء والمماليك الجراكسة فقط.
ثم أن ملك الأمراء جهز صحبة الأمير جانم الحمزاوي بقسماطا وجبن حالوم وبصلا وعسلا أسود. فجهز ذلك في المراكب برسم العسكر يفرق عليهم بطول الطريق، وقيل:
أرسل صحبته أربعين ألف دينار بسبب جوامك العسكر.
ومن الحوادث الشنيعة، ما وقع في أواخر هذا الشهر، وذلك أن ملك الأمراء رسم للوالي بأن يقبض على جماعة من الغلمان والفلاحين والمغاربة لأجل المراكب حتى يقذفوا فيها بالعساكر، فنزل الوالي وأطلق في الناس النار وشرع يقبض على كل من رآه في الرميلة وفي الطريق من الغلمان والفلاحين، وكل من قبض عليه وضعه في الحديد وأرسله إلى السجن، إلى أن يخرج العسكر، فصار يقبض على جماعة من السوفة والعبيد السود ثم تدرج جماعة الوالي حتى صاروا يقبضون على جماعة من التجار والفقهاء وغير ذلك، فصاروا يشترون أنفسهم من جماعة الوالي بمبلغ له صورة، حتى تحصل مع الجالية مال له صورة من الناس.
ثم صار الوالي يركب ويكبس على ساحل بولاق ومصر العتيقة، ويقبض على النواتية والفلاحين، فهر بالناس قاطبة من السواحل.
ثم رسم ملك الأمراء لكاشف الجيزة وغيره، أن يقبضوا على جماعة من الفلاحين من قلقشندة وقليوب وسبك الثلاث، ومن شبري والمنيه وغير ذلك من الضياع، فصار الفلاحون يحتفون في المطامير، وكادت مصر أن تحرب في هذه الحركة عن آخرها. فقيل مجموع الذين قبضوا عليهم نحو ألفي إنسان، وقيل أكثر من ذلك، وحصل للناس غاية الضرر. وقيل: مات في سجن الديلم جماعة كثيرة ممن قبض عليه، ماتوا من الجوع، وشدة الحر، والوخم، ونزل على أهل مصر نازلة عظيمة بسبب ذلك لم يسمع بمثلها قط، انتهى ما أوردناه من حوادث شهر رجب. وكان كثير الحوادث. فوقع فيه أمور غريبة، ونوادر عجيبة، والأمر الله.