وفيه نزل ملك الأمراء إلى قاضي العسكر وسلم عليه، وقد بلغه أنه توعك في جسده، فنزل إليه وعاده، ثم طلع إلى القلعة.
وفي يوم الثلاثاء خامس عشرة، أنفق ملك الأمراء على المماليك الجراكسة جوامكهم، وكان لهم سبعة أشهر منكسرة، فأنفق عليهم في ذلك اليوم أربعة أشهر، حتى على الغلمان والمباشرين والفقهاء والمقرئين ومن له عادة.
وفيه منع قاضي العسكر شمس الدين الحلبي من التكلم في المدرسة الصالحية، وقرر عوضه القاضي شجاعة العثماني، وجعله قاضي العسكر متحدثا عن أوقاف الجوامع والمدارس ومعالم الأنظار، فطلب الجباة وقال لهم: ارفعوا لي حساب الأوقاف، وقدر معاليم الأنظار، وما قدرها في كل شهر، فشرعوا في أسباب ذلك، وفي عمل الحساب.
ثم أن قاضي العسكر رسم بأخذ الخلاوي التي في المدرسة البرقوقية والأشرفية والغورية وغير ذلك من المدارس، وأنزل فيها جماعة من الأروام الآفاقية.
ثم أن القاضي صالح نائب قاضي العسكر، عرض الرسل الذين في المدرسة الصالحية، ورسم لهم ألا يأخذ الرسول منهم في الشغل الذي يتوجه إليه أكثر من نصف فضة من الفضة الجديدة بنصفين وربع، وجعل على من يتزوج بكرا ثلاثة وأربعين نصفا، ويتكلف للشهود والعاقد مثل هذا. هذا ما تقرر على العوام، وأما الرؤساء فشيء غير ذلك.
وقرر على كل شهادة تقع في المدرسة الصالحية قدرا معلوما بحسب كل شغل ثقيلا كان أو خفيفا.
ثم أشيع عن قاضي العسكر أنه قال: قصدي أمشي نساء مصر على قادع نساء إسطنبول مع أزواجهن، فإن عادتنا إذا دخل الرجل على زوجته تعطيه نصف المهر الذي أعطاه لها، وأن الرجل لا يقرر لزوجته لا كسوة ولا نفقة بل يسكيها في كل سنة جوخة وقميصا ويطعمها في كل يوم على ما يختار من قليل وكثير، وتغزل وتكسي زوجها في كل سنة. فلما سمع العوام بذلك فرحوا ودعوا لقاضي العسكر بسبب هذه الواقعة، واغتم النساء بذلك، وظنوا أن ذلك الشيء واقع، وأن قاضي العسكر أبطل كسوتهن ونفقتهن، فشق ذلك عليهن، فعد من النوادر الغريبة.
وفي الحوادث أن شخصا يهوديا وقف إلى القاضي صالح نائب قاضي العسكر وكتب قصة واشتكى فيها الأمير تنم أحد الأمراء الطبلخانات ناظر الدشيشة، فأرسل خلفه القاضي صالح رسولا وانكشاريا، فلما حضر إلى المدرسة الصالحية ادعى اليهودي على الأمير تنم، فأنصف القاضي صالح اليهودي من الأمير تنم، واستمر الأمير تنم في الترسيم حتى أرضي اليهودي.