للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم السبت ثاني عشره، نودي في القاهرة بأبطال الفضة العتيقة قاطبة، وأنها تدخل إلى دار الضرب.

وفي ذلك اليوم نزل ملك الأمراء إلى الميدان، وجلس به وأحضر الأمراء العثمانية، والأمير قايتباي الدوادار، ثم حضر قاضي العسكر وأخرج موسوم السلطان سليمان الواصل على يده، فكانت ألفاظه باللغة التركية، فأحضروا من قرأ ذلك فكان من مضمونه الوصية بالرعية قاطبة، وإنصاف المظلوم من ظالمه، وإصلاح المعاملة في الذهب والفضة بني الناس. وقد تعاظم عليهم قاضي العسكر، فلم يجلس بينهم، ولا حضر قراءة مرسوم السلطان. ومن جملة ألفاظه نعت قاضي العسكر، فكان من نعته أوصاف جميلة تختص به، وأن يكون له التكلم في الأحكام الشرعية على المذاهب الأربعة، ويحكم في المدرسة الصالحية بين الناس.

ثم إن قاضي العسكر جعل شخصا من العثمانية يقال له القاضي صالح أفندي نائبا عنه، يحكم في المدرسة الصالحية بين الناس، وكان حنفيا، ثم أن قاضي العسكر استناب شخصا آخر يقال له فتح الله، وكان من العثمانية، وكان شافعي المذهب، ثم إن قاضي القضاة جعل تحت يد كل قاض من الأروام، قاضيا من الأولاد مصر، فجعل القاضي شهاب الدين بن شيرين الحنفي نائبا عن القاضي صالح أفندي العثماني، وجعل القاضي شمس الدين محمد الحلبي الشافعي نائبا عن القاضي فتح الله العثماني، وجعل القاضي أبا الفتح الوفائي أحد نواب المالكية يحكم بين الناس على قاعدة مذهبه، وجعل نظام الدين الحنبلي يحكم بين الناس على قاعدة مذهبه، والمراجع في الأحكام الشرعية إلى قاضي العسكر. ثم رسم لكل نائب من النواب الأربعة أن يقتصر على شاهدين لا غير، وسائر النواب والشهود تبطل قاطبة، ثم رسم قاضي العسكر للرسم والوكلاء الذين بالمدرسة الصالحية إذا وقفوا قدامه يأخذون في أيديهم العصى. فاجتمع بالصالحية من الرسل فوق الستين رسولا، وصاروا على هذه الهيئة، ثم أن قاضي العسكر أقام من الأروام شخصا وسماه قسام الترك، فجعل على كل تركة الخمس لبيت المال مع وجود الورثة من الأولاد الذكور والإناث، فحصل لناس بذلك الضرر الشامل.

وفي يوم الأحد ثالث عشرة، نودي في القاهرة عن لسان قاضي العسكر، بأن الشهود قاطبة لا يعقد أحد منهم عقدا، ولا يكتب وصية ولا إجارة ولا مبايعة ولا شيئا من الأمور إلا في المدرسة الصالحية عند القاضي صالح نائب قاضي العسكر، فحصل للناس بسبب التزويج في هذه الأيام غاية المشقة، واختار كل منهم العزوبية على التزويج.

<<  <  ج: ص:  >  >>