للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بظلمهم، وحصل لأهل مصر في ذلك اليوم غاية الضرر. فلما سافرت المراكب غرق أكبرها في يومه لما حلت من بولاق، وذلك بدعاء الناس عليهم.

وفيه وقعت نادرة غريبة، وهي: أن المعلم إبراهيم اليهودي، معلم دار الضرب، كان له جاريتان إحداهما حبشية والأخرى سوداء، فوطئ الجارية الحبشية فحبلت منه، فوضعت بنتا، فعاشت تلك البنت سبعة أشهر، ثم إن الجارية الحبشية أظهرت أنها تريد أن تدخل الحمام، فلما وصلت إلى الحمام هربت وتوجهت إلى بيت قاضي القضاة محيى الدين بن الدميري، وقالت له: يا سيدي القاضي أنا مسلمة، وأبدت الشهادة بين يديه، ثم قالت له أنا سيدي المعلم إبراهيم اليهودي معلم دار الضرب، وقمد وطئني وحملت منه بهذه البنت، وأنا صرت مسلمة ما بقيت أقعد عنده، فحكم قاضي القضاة بإسلامها في الحال، وأرسل خلف اليهودي معلم دار الضرب بسبب ابنته، فإنها صارت مسلمة تابعة لأمنها، فحكم قاضي القضاة بإسلام البنت أيضا وأمها. فقيل إن المعلم ابراهيم دفع لقاضي القضاة خمسمائة دينار على أن يجعل البنت تبعا لأبيها فأبى من ذلك واستمر مصمما على حكمه، فطلع إبراهيم اليهودي إلى ملك الأمراء، وكتب قصة بشرح الحال، ووقف إلى ملك الأمراء، فقال له: "قاضي القضاة حكم بإسلام البنت وأمها وصارت مسلمة، أعيدها أنا إلى دين اليهود؟ ". فلم يطلع من يد إبراهيم اليهودي في هذه الواقعة شيء، ونزل من القلعة وهو مخزي، وعتقت الجارية وابنتها على رغم أنفه.

وفيه قدمت الأخبار من الغربية أن عربان عزالة قد نزلوا على البساط بالقرب من تروجة وصاروا ينهبون الجرون، ويرعون الزروع، فحاربهم شيخ العرب إسماعيل ابن أخي الجرون، ويرعون الزروع، فحاربهم شيخ العرب إسماعيل ابن أخي الجويلي وكسرهم، واحتوى على جمالهم وأغنامهم وخيولهم وغير ذلك، ولم يترك لهم شيئا، وهربوا ومضوا حيث شاءوا. ثم إن إسماعيل أرسل تلك الغنيمة إلى ملك الأمراء، فشكره على ذلك.

*****

وفي شهر جمادى الأولى، وكان مستهله يوم السبت، طلع القضاة الأربعة وهنئوا ملك الأمراء بالشهر وعادوا إلى منازلهم. وفي ذلك اليوم خلع ملك الأمراء على الأمير جان السيفي دولات باي الأتابكي كاشف الفيوم، وقرره أمير ركب المحمل على عادته. وهذه ثالث مرة يسافر أمير الحاج في دولة ملك الأمراء خاير بك.

وفي ذلك اليوم نادى ملك الأمراء في القاهرة بأن الدينار السليم شاهي يصرف بأربعين نصفا من الفضة العتيقة، والدينار السليماني يصرف بخمسة وستين نصفا حسابا عن كل

<<  <  ج: ص:  >  >>