يصلوا وظنوا أن الذي أشيع حق، فعد ذلك من النوادر. وأهل مصر ليس بهم عقول
يصدقون بالمحالات الباطلة التي ليس لها صحة!.
وفي يوم الاثنين حادي عشرة نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجه إلى بولاق، وكشف على المراكب الأغربة التي عمرها هناك، فسيرت قدامه في البحر ذهبا وإيابا، وهو ينظر إليها والنفوط عمالة، ثم عاد إلى القلعة.
وفي يوم السبت سادس عشرة، سقطت القبة العظيمة التي كانت على الأيوان باكر النهار، وهذه القبة من إنشاء الناصر محمد بن قلاون. فلما سقطت تفاءل الناس بزوال ملك ملك الأمراء عن قريب، وهذه القبة لها نحو مائتي سنة من حين عمرت، وكانت من خشب وفوقها رصاص، وكانت مغلفة بقيشاني أخضر. ولم يعمر في مصر أكبر منها، وكانت من نوادر الزمان.
وفي يوم الاثنين ثامن عشره توجه الأمير شيخ العثماني إلى إسطنبول، وأرسل صحبته تقدمه حافلة إلى السلطان سليمان بن عثمان، وأرسل يشاور السلطان في أمور كثيرة من أحوال المملكة، وينتظر الجواب عن ذلك.
وأشيع أن السلطان سليمان أرسل يطلب من ملك الأمراء نحيل بلح ليزرعها في إسطنبول، فشرع ملك الأمراء في تجهيز ذلك، فقيل أنه أرسل إليه خمسمائة نخلة من البلح الحياني، وهي نخيل صغار تطرح بلحا حيانيا أحمر في غاية الحلاوة، فأرسل تلك النخيل في صناديق خشب وهي في طينها، وأرسلها في مراكب إلى البحر المالح، وتتوجه من هناك إلى إسطنبول، وأرسل صحبتها خولة تزرعها هناك.
وفيه جهز ملك الأمراء الأغربة وبها مقاتلون من المغاربة وغيرهم. وقد بلغه أن جماعة من الفرنج تعبث في السواحل وتشوش على المسافرين في البحر. ولما سافر بعض التجار من الأروام في البر، وقصد يطلع من الإسكندرية ويتوجه من هناك إلى إسطنبول، أوسق معه عدة مراكب بضائع وأصنافا كثيرة من قماش وغير ذلك بنحو مائة ألف دينار.
وكان في ذلك المركب رجال ونساء وصغار وتجار من الأروام وعبيد وجوار، فلما سافروا من ساحل بولاق وأقلعوا ذلك اليوم ثارت عليهم رياح عاصفة، فلما وصلت المركب إلى شبرا دارت في البحر وغرقت هناك بكل ما فيها من الخلائق والبضائع والأصناف. وكان فيها تجار معاربه وبحارة، وكانوا قبل سفرهم صاروا يشوشون على الناس ويمسكونهم منا لطرقات غصبا بسبب المراكب، فكثر الدعاء عليهم من الناس