للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سليم شاه ابن عثمان الديار المصرية، لم يقابله واختفى حتى رحل ابن عثمان عن مصر، واستقر الأمير جان بردي الغزالي في نيابة الشام وسافر إليها، فخرج مسك صحبته في الخفية، وأقام عنده بالشام، فلما جرى للغزالي ما جرى وقتل، حضر مسك إلى القاهرة، وقابل ملك الأمراء وصار عنده من المقربين.

وكان مسك هذا لطيف الذات، يشتمل على جملة من المحاسن، منها الخط الجيد، والقراءة الحسنة، وغير ذلك من المحاسن، فاتفق أن الطواشي الذي يحضر من إسطنبول رأى مسك هذا الذي كان يكره السلطان سليم شاه، ولما دخل إلى مصر هرب وتوجه إلى جان بردي الغزالي فتغير خاطره عليه، فرسم ملك الأمراء بتوسيطه، ثم شفع فيه من التوسيط فرسم بنفيه، وكان مسك هذا من أعيان خدام الأشرف قايتباي.

وفي يوم الجمعة سابع عشرة خرجت الملكة خاتون عمة السلطان سليمان - وقد تقدم القول أنها أتت إلى مصر لتحج - فلما حجت قصدت العودة إلى بلادها، وعين معها ملك الأمراء جماعة من الكملية ومن الأصباهية يحفظونها في الطريق إذا سافرت. فأشيع بعد سفرها بأيام أن العربان خرجت عليها في العريش، ونهبت أطراف بركها من جمال وقماش وغير ذلك.

ومن النوادر الغريبة ما وقع يوم الخميس ثالث عشرية، وذلك أنه قد أشيع في القاهرة بين الناس، أن الشهابي أحمد بن الجيعان قد شنق نفسه، فاضطربت القاهرة في ذلك اليوم أشد الاضطراب، ولم يشك أحد من الناس في ذلك، لأن المقر الشهابي أحمد بن الجيعان حصل له في تلك الأيام غاية الشدائد والمحن، وصار ممقوتا عن ملك الأمراء، وقد تقدم القول على سبب ذلك، فلما قويت الإشاعات بذلك، كان الشهابي أحمد بالقلعة، فقال له الأمير جاني، الحماوي قم وأنزل وشق من القاهرة حتى تخمد هذه الإشاعة، فقام ونزل من القلعة، وشق القاهرة فلما رآه الناس فرحوا به وهنئوه بالسلامة، وخمدت تلك الإشاعة الباطلة التي ليس لها صحة، فعد ذلك من النوادر الغريبة.

*****

وفي شهر ربيع الآخر، وكان مستهله يوم الجمعة، طلع القضاة الأربعة وهنئوا ملك الأمراء بالشهر فلما تكامل المجلس حصل في ذلك اليوم تشاجر بين قاضي القضاة الحنفي على الطرابلسي، وبين مستنيبه محب الدين سبط الشيخ بدر الدين محمد بن الدهانة، وقد ناقضه قاضي القضاة الحنفي في القول، وقال له: حكمك لا يجوز، قد وليت بالرشوة.

وأسمعه من هذه الألفاظ المنكرة أشياء كثيرة بحضرة ملك الأمراء، وبحضرة قضاة القضاة

<<  <  ج: ص:  >  >>