للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن الوكلاء الذين سجنوا بسجن الديلم شفع فيهم القاضي حمزة، وقيل الأمير على أحد الأمراء الخنكارية، ثم أقام الوكلاء في السجن أياما، ثم أخرجوا منه.

وفيه نودي بالقاهرة عن لسان ملك الأمراء بمنع الصيارف الحجازيين قاطبة ألا يصرفوا دينارا ذهبا، فإنه قد أشيع عنهم أن جماعة منهم يصنعون الزغل في الذهب والفضة، ويطيرونها على الناس في الصرف، فمنعوا من ذلك.

وفيه قدم قاصد من عند السلطان سليمان ابن عثمان يقال له قاسم بك، وعلى يده مرسوم شريف، فكان من مضمونه أنه انتصر على الفرنج نصرة ثانية، وملك منهم عدة قلاع، وقد ظفر بجماعة منهم وقتلهم.

فلما تحقق ملك الأمراء ذلك نادى في القاهرة بالزينة، فزينت ووافق ذلك يوم عيد النحر. فحصل للناس المشقة الزائدة بهذه الزينة، واشتغلوا بذلك عن الأضحية والعيد، ووقع في ذلك اليوم مطر غزير، فأعدم قماش الناس الذي في الزينة، وصار الوالي يبطح الناس على الأرض ويضرب الذي مازين دكانه، فما حصل لأحد من الناس خير، واستمرت الزينة معلقة إلى أن نزل ملك الأمراء وتوجه إلى بولاق بسبب ملاقاة القاصد الذي حضر من البحر، فطلع من سوق مرجوش وشق القاهرة وهي مزينة، والقاصد صحبته، ومشى القاضي بركات بن موسى المحتسب قدامه بعصاه إلى أن طلع إلى القلعة، فأوقدوا له الشموع بالنهار على الدكاكين، فاستمر في ذلك الموكب إلى أن طلع إلى القلعة، ثم فكت الزينة في ذلك اليوم، وانقضى أمرها.

وفي يوم السبت سادس عشرة، جلس ملك الأمراء بالمقعد الذي بالحوش السلطاني، وطلب قضاة القضاة الأربعة، فلما حضروا حضر القاضي حمزة قاضي ابن عثمان، فلما تكامل المجلس تكلم ملك الأمراء مع القضاة في أمر نوابهم وما يفعلون، وفي أمر الوكلاء، فوقع في ذلك المجلس غاية ما يكون من اللغط، وكان القاضي حمزة في ذلك المجلس أشد ما يكون على القضاة، وصار يقول لهم: نوابكم يفعلون ما هو كيت وكيت. فجاء ملك الأمراء على القضاة بكل ما فيه بسبب نوابهم، وقد كثر فسادهم.

فتكلم معهم ملك الأمراء في ذلك، فوقع الاتفاق في المجلس بأن كل قاض من القضاة الأربعة يقتصر على سبعة من النواب لا غير، على عدد أيام الجمعة، والقاضي من النواب يجلس في بيت قاضي القضاة في نوبته، ويسمع الدعوى هناك بمفرده، وأن القاضي إذا عقد عقد نكاح، يأخذ على من تزوج البكر ستين نصفا، وعلى من تزوج الثيب ثلاثين نصفا، يأخذ العاقد شيئا، والشهود شيئا، والباقي يحمل إلى بيت الوالي، ولا يتزوج أحد من الناس ولا يطلق إلا في بيت قاض من القضاة الأربعة، وأن الوكلاء تبطل قاطبة

<<  <  ج: ص:  >  >>