للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه رسم ملك الأمراء بشنق شخص من المماليك الجراكسة قيل هو من مماليك أمير أخور كبير، وقيل هو خازنداره، وكان شابا حسنا فشق شنقه على الأتراك قاطبة، وشنق في ذلك اليوم معه أربعة من الجراكسة، وقد تزايد شره في هذه الأيام.

وفيه أشيع بين الناس أن الإنشكارية الذين كانوا بالقاهرة وتوجهوا إلى إسطنبول، فلما دخلوا إلى ثغر الإسكندرية وقع بينهم هناك فتنة عظيمة، وقتل منهم جماعة، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك تنكد لهذا الخبر، وعين لهم الكيخية الكبير أغاتهم، فسافر إلى الإسكندرية في ساعته، حتى يصلح بينهم ويكشف عن سبب هذه الفتنة ومن أثارها من الإنكشارية أو من الكملية الذين سافروا من القاهرة، فتوجه الكيخية إلى ثغر الإسكندرية بسبب ذلك.

*****

واستهل شهر ذي الحجة بيوم الجمعة، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنئوا ملك الأمراء بالشهر ثم عادوا إلى دورهم.

وفي يوم السبت المبارك ثانية حضر قاصد من مكة، وصحبته رأسان في علبة مقفولة، زعموا أن الأولى رأس شخص يقال له إسكندر، وكان أصله من مماليك السلطان الغوري، أرسله صحبة التجريدة التي أرسلها إلى بلاد الهند بسبب محاربة الشيخ عامر متملك زبيد وعدن وكرمان، فلما توجه العساكر الذين أرسلهم السلطان الغوري، تحاربوا معه فانسكر منهم، وقتل في المعركة، فملكوا منه البلاد وأمواله.

ثم إن إسكندر المذكور ملك بلاد الشيخ عامر وتسلطن بها وعصى على السلطان الغوري، وجعل له هناك أمراء وعساكرا، وخطب باسمه على منابر بلاد الشيخ عامر، واستمر على ذلك ولم يدخل تحت طاعة الخنكار سليم شاه بن عثمان لما ملك الديار المصرية، ولم يخطب باسمه، ولم يضرب السكة باسمه هناك، فلم يزل نائب جدة يتحيل عليه حتى قتله وحز رأسه وأرسلها إلى القاهرة، فعرضت على ملك الأمراء وهو بالميدان.

ثم إن ملك الأمراء أشهر تلك الرأس في القاهرة ومعها رأس أخرى قيل إنها رأس دوادارة أو خازندارة أو وزيره، ثم علقتا على باب النصر. وكان إسكندر هذا شجاعا، بطلا، مقداما في الحرب قوي القلب، ملك البلاد واحتوى على أموالها، وفرقها على عسكره، وجعل له أمراء وحجابا ودوادارية، ولولا أنهم احتالوا عليه حتى قتلوه، لما كانوا يقدرون عليه من شجاعته وحيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>