للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يتعرض ملك الأمراء لشيء من ذلك. وما كان يستخرج غير خراج الشرقية والغربية والبحيرة وجهات الصعيد فقط لا غير.

فإن قال قائل: إن السلطان الغوري كان يسد أمر الجوامك في كل شهر، وكان العسكر أكثر من ذلك، والأمراء أربعة وعشرون مقدم ألف، غير الأمراء الطبلخانات والعشراوات والخاصكية فوق الألف خاصكي، أقول أن السلطان الغوري، كان يستعين على ذلك بكثرة المصادرات للمباشرين وأعيان التجار. وغير ذلك من مساتير الناس، وكان يرد عليه أموال الثغور، وأموال البلاد الشامية والحلبية والطرابلسية وغير ذلك من الجهات، والآن البلاد الشامية والحلبية في غاية الاضطراب، ولم يرد منها شيء من الأموال، فبموجب ذلك ضاق الأمر من المال على ملك الأمراء، ونرجو من الله إصلاح الحال.

وفي يوم الاثنين ثالث عشرة، خرج الدفتردار محمد بن إدريس، وتوجه صحبته ملك الأمراء إلى تربة العادلي، وكذلك الأمراء قاطبة، وخرج صحبته جماعة كثيرة من الإصباهية والإنكشارية، فتوجه طائفة منهم في البحر، وأشيع أنهم توجهوا إلى إسطنبول بطلب من السلطان سليمان نصرة الله، وقد بلغه أنهم يشوشون على أهل مصر غاية التشويش، فأرسل أخذ منهم خمسمائة إنسان من الإصباهية والإنكشارية، وأراح الله المسلمين منهم، فإنهم كانوا من كبار المفسدين، فخرج القدفتردار في ذلك اليوم في موكب حافل كما تقدم.

وفيه كانت وفاة الناصري محمد ابن الأمير جاني بك كوهية، وكان رئيسا حشما دينا خيرا من أولاد الناس، حسن السيرة لا بأس به.

وفيه قدم من إسطنبول سيدي محمد بن الكويز، وكان توجه إلى نحو إسطنبول مع جملة من أسر من أهل مصر، فلما أفرج السلطان سليمان عنهم، حضر إلى مصر، وكان حسن السيرة في التحدث في أمر المواريث.

وفي يوم الثلاثاء رابع عشرة، حضر أولاق من عند السلطان سليمان وعلى يديه مراسيم تتضمن أنه قد انتصر على الفرنج نصرة عظيمة، وفتح عدة مدائن من مدائن الفرنج، وملك عدة قلاع من قلاعهم، وصار كلما يملك مدينة من مدائنهم يجعل كنائسهم جوامع بمحاريب ومنابر، وخطب باسمه فيها، وكانت هذه النصرة على غير القياس.

فلما تحقق ملك الأمراء ذلك رسم بدق البشائر في القلعة، ونادى في القاهرة بالزينة، فزينت سبعة أيام متوالية، وفتك الناس في هذه الزينة فتكا ذريعا، حتى خرجوا في ذلك عن الحد، وتجارهوا بالمعاصي ليلا ونهارا.

<<  <  ج: ص:  >  >>