للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية، وركب القاضي بركات بن موسى من المدرسة المنصورية بعد المغرب، وقدامه المشاعل والفوانيس وشق من القاهرة في موكب حافل على العادة.

وفي يوم السبت مستهل الشهر كان وفاء النيل المبارك، أوفى الله تعالى الستة عشر ذراعا وست أصابع من الذراع السابع عشر، ثم فتح السد يوم الأحد ثاني شهر رمضان - الموافق الحادي عشر مسرى - ووقع في دولة الأشرف قايتباي أن السد فتح في أول يوم من رمضان، فلما أوفى النيل نزل ملك الأمراء إلى المقياس، وخلق العمود، ونزل في الحراقة، وتوجه إلى السد ففتحه على جاري العادة، وكان ذلك اليوم مشهودا في الفرجة والقصف، كما يقال في المعنى:

لله يوم الوفا والناس قد جمعوا … كالروض تطفو على نهر أزاهره

وللوفاء عمود من أصابعهم … مخلق تملأ الدنيا بشائره

وفي يوم الثلاثاء رابع شهر رمضان، صعد الدفتردار محمد بن إدريس إلى القلعة، واجتمع الأمراء العثمانية بالقلعة، وقرئ عليهم مرسوم السلطان سليمان ابن عثمان، فكان من مضمونه التوصية بالرعية غاية الوصية، وأن ملك الأمراء ينظر في إصلاح المعاملة من الذهب والفضة. فوقع في المجلس بعض تشاجر بين الدفتردار وبين ملك الأمراء بسبب ذلك، فقال ملك الأمراء: "أنا ما أغير معاملة السلطان سليم شاه، ولا أخرج عما وقع في أيامه من أن الأشرفي الذهب يصرف في المعاملة بخمسين نصفا على العادة".

ثم إن ملك الأمراء رسم باحضار التجار، فلما طلعوا إلى القلعة تكلموا معهم في أمر صرف الأشرفي الذهب الواسع بخمسين نصف فضة، فتضرروا من ذلك، وقالوا ما يوافقنا أحد من الناس على ذلك، وانفض المجلس مانعا من ذلك.

ثم إن القاضي بركات بن موسى المحتسب، تكلم مع ملك الأمراء بأن يصرف الأشرفي الذهب خمسة وأريعين نصفا، وقيل بخمسة وأربعين عثمانيا، وفي البيع والشراء بخمسة وأربعين نصفا، فوقع الاتفاق على ذلك، ونودي في القاهرة بذلك، فسكن الاضطراب قليلا.

ثم إن القاضي بركات جعل القاضي حمزة العثماني متكلما على دار الضرب.

ثم بعد ذلك لم يتم أمر صرف الأشرفي الذهب الواسع بخمسة وأربعين نصفا، وصار يصرف بأربعين نصفا، وعز وجود الفضة جدا، وصار الأشرفي الذهب يصرف بمشقة زائدة من السوقة، ويعطون فيه النصف فضة والنصف فلوسا جددا، وحصل للناس الضرر الشامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>