ومن الحوادث المهولة أيضا واقعة سيدي عمر بن الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر جقمق، وذلك أن سيدي عمر كان متزوجا بابنة الأمير جانم الأشرفي الذي كان نائب الشام - وكانت زوجة تمراز التمشي - فكان له رزقة وقفها عليها وبها فلاحون، فلما تزوج بها سيدي عمر تكلم على جهاتها، فقيل إنه جار على فلاحي تلك الرزقة ولم يمش لهم أمر الشراقي في الحصة، فتضرر الفلاحون لذلك، فوقفوا إلى ملك الأمراء وشكوا له من سيدي عمر بأنه قد جار عليهم، وأخذ منهم أزيد من الخراج عن المقطعين بالناحية. فأرسل إليه ملك الأمراء يقول له انظر في حالهم ولا تجر عليهم، فقال سيدي عمر:"وايش كان ملك الأمراء حتى يدخل بيني وبين فلاحيني في شيء ليس له فيه شغل؟ " فبلغ ملك الأمراء ذلك فتغير خاطره على سيدي عمر، فأرسل إليه قاصدا فأغلظ عليه في القول ولم يطلع، فحنق منه ملك الأمراء وأرسل إليه جماعة من الانكشارية فقبضوا عليه غصبا وبهدلوه، وطلعوا به إلى القلعة، فلما دخلوا إلى الحوش قبضوا عليه وأدخلوه العرقانة، فسجن بها وبات تلك الليلة وأقام بها إلى ظهر اليوم الثاني حتى شفع فيه بعض الأمراء، فمضى إلى داره بعد أن قاسى غاية البهدلة من الانكشارية، فما شكر أحد من الناس ملك الأمراء على هذه الفعلة الفاحشة لأنه لا يستحق ذلك كله.
وفي هذا الشهر كانت وفاة الشيخ زين الدين المغربي، وكان صالحا معتقدا دينا خيرا، و- له اشتغال بالعلم، وكان مقيما بمقام الإمام الشافعي ﵁، وكان لا بأس به.
وفي يوم الخميس ثامن عشري هذا الشهر، قدم شخص من عند السلطان سليمان بن عثمان يقال له محمد بن إدريس، ويعرف بقلقسز الدفتردار، وصحبته شخص يقال له الأمير كمال، فلما وصل إلى تربة العادلي نزل إليه ملك الأمراء ولاقاه من هناك، ثم دخل هو وإياه من باب النصر، وشق من القاهرة في موكب حافل، وقدامه الانكشارية والكملية مشاة يرمون بالنفوظ، فاستمر في ذلك الموكب حتى طلع إلى القلعة، وأنزل الدفتردار في بيت الأمير يشبك الدوادار الذي في حدرة البقر، ومد له هناك مادة حافلة، وأنزل الأمير كمال في مكان آخر، وأشيع أن الأمير كمال حضر يروم الحج إلى بيت الله الحرام، والدفتردار حضر بسبب ضبط مال الثغور من الجهات المصرية.
*****
وفي شهر رمضان، وكان مستهله يوم السبت، وكان الهلال عسر الرؤية على خمس درج، وقيل على أربع درج، فرآه بعض الناس وثبت عند القاضي زكرياء أحد نواب