للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه توجه ملك الأمراء إلى الجزيرة الوسطى، وسبب ذلك أن الأمير تنم الناظر على وقف الدشيشة كان قد صنع هناك مركبا عظيمة بسبب حمل مغل الدشيشة، وكان طولها مائة وعشرين ذراعا، وبها فرن وطاحون وصهريج للماء الحلو، ومقعد ومبيت واسطبل للخيل، فعرضها على ملك الأمراء، ثم فك أخشابها وأرسلها على ظهور الجمال إلى الطور، ومن هناك يرسلها إلى البحر المالح. فلما نزل إليه ملك الأمراء مد له مدة حافلة، وأقام عنده إلى قريب الظهر، ثم عاد إلى القلعة.

وفيه قدمت الأخبار من دمشق بأن جماعة من عربان دمشق ثاروا على نائب الشام الأمير إياس بك، فلما خرج إليهم ووقع معهم، انكسر وجرح ورد إلى الشام ما لا يحصى، ومن عربان جبل نابلس أيضا، وكانت فتنة مهولة بدمشق.

وفيه نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجه إلى تربة العادل، ثم دخل من باب النصر وشق من القاهرة في موكب حافل، والأمير نصوح صحبته، فلما شق من القاهرة ارتفعت له الأصوات من الناس بالدعاء.

*****

وفي شهر شعبان - وكان مستهله يوم الجمعة - طلع القضاة الأربعة إلى القلعة، وهنئوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى منازلهم. وفيه قدمت الأخبار من إسطنبول، بأن طائفة من طوائف الفرنج يقال لها انكرس، قد تحالفوا على قتال السلطان سليمان بن عثمان، فلما تحقق ذلك جمع العساكر من كبير وصغير، وخرج من إسطنبول وتوجه إلى قتالهم في الجم الكثير من العساكر والفرسان.

وفيه تغير خاطر ملك الأمراء على شخص من الأتراك يقال له جان قلج، فسجنه بالعرقانة وأوعده بالتوسيط، وكان سبب ذلك أنه كان ساكنا في بيت شخص من أبناء الناس - وهو ابن الأمير شاهين الجمالي الذي كان ناظر الحرم النبوي - فانكسرت عليه أجرة المكان، فطالبه ابن شاهين، فلم يعطه شيئا وسبه سبا فاحشا، فطلع ابن شاهين وشكاه إلى ملك الأمراء، فأرسل خلف جان قلج فلم يطلع في ذلك اليوم، وأساء على قاصد ملك الأمراء، فبلغ ملك الأمراء ذلك. ثم أن جان قلج طلع بعد ذلك إلى ملك الأمراء وقابله، فقبض عليه وسجنه بالعرقانة، وكان تقدم له مع ملك الأمراء واقعة مهولة، فاستمر في نفس ملك الأمراء منه أشياء كمينة، وكان جان قلج عنده بادرة وكلامه يابس، كثير الفجور.

<<  <  ج: ص:  >  >>