مات السلطان سليم شاه وولي ابنه سليمان، فاستأذن الوزراء في الحضور إلى مصر لتفقد أحواله، ثم يعود إلى إسطنبول، فأذنوا له في ذلك، فحضر إلى مصر وهو في الترسيم بشاويش مرسم عليه، وحضر صحبته كمال الدين بزددار الأمير طراباي، وكمال الدين العائق، وكريم الدين المجولي، ويوسف مناخير، وبدر العادلي وهو معتوق الناصري، ومحمد بن فارس، فلما حضروا إلى مصر أقاموا بها مدة.
فلما انقضى الميعاد الذي قرره معهم الشاويش، استحثهم على الخروج والسفر إلى إسطنبول. فلما كانت ليلة الرحيل، اختفى القاضي بدر الدين بن الوقاد ولم يظهر، فشق ذلك على الشاويش الذي كان مرسما عليهم.
وكان ابن الوقاد اختفى بإذن ملك الأمراء، حتى قيل إن ابن الوقاد قدم لملك الأمراء في هذه الحركة ألف دينار في الخفية، وصار ملك الأمراء يظهر الغيظ على ابن الوقاد ويشدد في طلبه، ورسم على أصحابه وجيرانه، وأظهر للشاويش الذي حضر صحبته أنه محث في طلبه والأمر بخلاف ذلك، ثم إن ذلك الشاويش قبض على كمال الدين بزددار طراباي، وعلى كمال الدين العائق، ويوسف مناخير، وبدر العادلي، ووضعهم في الحديد وأخرجهم من مصر على أقبح وجه، وافروا من البحر إلى إسطنبول، وقاسوا شدائد ومحنا.
وفيه توفي المعلم عبد الرحمن بن طبيلة المعامل في الدجاج والأوز، وكان علامة عصره في هذا الفن، وكان في سعة من المال لا بأس به، وله بر ومعروف.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرية، كان عيد النصارى وهو أول يوم من الحماسين، وكان ذلك اليوم رطبا وفي السماء غيم، وهذا فأل للنيل بأن يكون في تلك السنة عاليا جدا في الزيادة.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشرية، حضر أو لاقي من عند السلطان سليمان بن عثمان، وعلى يده مراسيم تتضمن أن كزك بك قاسم الذي حضر وعلى يده خلعة الاستمرار لملك الأمراء، يستقر في نيابة حلب، عوضا عمن كان بها. وقيل إن كزك بك هذا رضع مع السلطان سليم شاه.
وقد صارت النيابات كلها بيد جماعة ابن عثمان، فكزك هذا قرر في نيابة حلب، وشخص آخر يقال له إياس في نيابة الشام عوضا عن الغزالي، وقرر فرحات بك في نيابة طرابلس، وقرر قرا موسى في نيابة غزة. وقد اقتسم العثمانية النيابات التي كانت بيد أعيان المماليك المصرية.
وفيه توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن نابتة الحنفي، وكان لا بأس به. ولم يظهر القاضي بدر الدين بن الوقاد، ولا كريم الدين المجولي، فلما طال الأمر على الشاويش