رؤوس على رماح، زعموا أنها رؤوس مشايخ عربان ممن كان من عصبة نائب الشام جان بردي الغازلي، فشق من القاهرة هو والقاصد، وكان يوما مشهودا.
وفي يوم السبت سلخ الشهر قدم قاصد آخر من عند السلطان سليمان بن عثمان، وأشيع أنه أتى إلى ملك الأمراء بخلعة الاستمرار، فلما وصل إلى تربة العادلي نزل إليه ملك الأمراء ولاقاه من هناك، فجلس على المصطبة التي هناك، فألبسه القاصد الخلعة وهي قفطان مخمل أحمر بتماسيح مذهب، ثم قام من هناك هو والقاصد ودخل من باب النصر، وشق من القاهرة في موكب حافل أعظم من الموكب المقدم ذكره، وركب قدامه قضاة القضاة الأربعة، وهم: كمال الدين الطويل الشافعي، وعلاء الدين علي الطرابلسي الحنفي، ومحيي الدين يحيى الدميري المالكي، والشهابي أحمد الفتوحي الحنبلي. وركب قدامه الأمراء الجراكسة قاطبة، والأمراء العثمانية، ومشت قدامه الانكشارية والكملية وهم يرمون بالنفوط، ومشت قدامه طائفة النصارى بالشموع الموقدة، واصطف الناس له على الدكاكين بسبب الفرجة، وكانت القاهرة مزينة في قوة الزينة، وعلقوا له أحمالا وثريات معمرة بالقناديل الموقدة بطول المدينة، وأوقدوا له الشموع على الدكاكين، ولا سيما ما فعله تجار الوراقين من الشموع الموكبيات الكبار، وأطلقوا له المجامر بالعود القماري، ومرشات الماورد المسك.
ثم أن جماعة من التجار نثروا على رأسه الفضة في عدة أماكن من المدينة، وارتفعت له الأصوات من الناس بالدعاء، وانطلقت له النساء بالزغاريت من لك جانب من البيوت والدكاكين، وفرشت له الشقق الحرير تحت حافر فرسه من عند خان مسرور، واستمر في هذا الموكب الحفل، حتى طلع إلى القلعة وعليه خلعة الاستمرار من عند السلطان سليمان بن عثمان، وهي بتماسيح مذهب على مخمل أحمر، وكان ذلك اليوم مشهودا في الفرجة والقصف.
فلما طلع إلى القلعة، خلع على الأمير قايتباي الدوادار قفطانا مخملا، ونزل إلى منزله، ثم نادى للناس بفك الزينة.
وقد أقامت الناس مزينة نحو عشرة أيام، وتكلف الناس بسبب ذلك كلفة عظيمة، من وقيد وقناديل، ومشترى زينت، وحصل في هذه الزينة من التركمان غاية الفساد من خطف النساء والصبيان المرد، والتجاهر بالمعاصي ليلا ونهارا، حتى خرجوا في ذلك عن الحد، ولا سيما ما كان يفعل في خان الخليلي من الفسق.
وقد ابتهج الناس بهذه الزينة غاية البهجة، وفي هذه الواقعة يقول صاحبنا الناصري محمد بن قانصوه بن صادق يمدح السلطان سليمان بن سليم شا بن عثمان عز نصره وأجاد حيث قال: