للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفس لا تنتهي عن نيل مرتبة … حتى تروم التي من دونها العطب

ولما تحقق ملك الأمراء أن الغزالي قد تسلطن بالشام، وقبلوا له الأرض هناك، اضطربت أحواله، وسرت المماليك الجراكسة بذلك، واستبشروا بالفرج، ويا فرحة ما تمت.

وكان أصل جان بردي الغزالي من مماليك الأشرف قايتباي، اشتراه وأعتقه، وأخرج له خيلاف وقماشا، وصار من جملة المماليك السلطانية.

ثم أن الأمير تغري بردي الأستادار، قرره شادا في ضيعة بالشرقية يقال لها: منية غزال فنسب إليها، وقيل له: الغزالي مضافا لاسم تلك الضيعة. ثم أن الأشرف قايتباي جعله جمدارا وقرره في كشف الشرقية، ثم بقي أمير عشره في أواخر دولة الناصر محمد بن قايتباي، ثم بقي محتسب القاهرة في دولة السلطان الغوري، ثم قرره في حجوبية الحجاب بحلب، فخرج إليها من يومه، وذلك بعد واقعة مصرباي لما انكسر. ثم أن الغوري نقله من حجوبية الحجاب بحلب إلى نيابة صفد، وذلك في سنة سبع عشرة وتسعمائة. ثم نقله من نيابة صفد إلى نيابة حماة، إلى أن توجه السلطان الغوري إلى حلب، وانكسر وجرى له ما جرى، فرجع الغزالي صحبة العسكر إلى مصر، فوجد الأشرف طومان باي قد تسلطن عوضا عن الغوري، فاستقر بالغزالي نائب الشام وقد تقدم القول على ذلك.

فلما ملك السلطان سليم شاه ابن عثمان مصر أقره على عادته في نيابة الشام، وجعل له التحدث على الشام وحماة وحمص وصيدا وبيروت وبيت المقدس والرملة والكرك وغير ذلك من الأعمال الشامية والطرابلسية، فلو قنع بذلك لكان خيرا له، فكان كما يقال في الأمثال السائرة: "من شرب بكأس الطمع شرق به".

وفي يوم الأحد ثالث عشريه قدمت الأخبار بأنه وصل قاصد من عند السلطان سليمان بن عثمان، فلما تحقق ملك الأمراء ذلك، نزل من القلعة وتوجه إلى تربة العادلي، وبات بها لأجل ملاقاة القاصد الذي حضر. وكان ملك الأمراء أرسل القاضي بركات بن موسى المحتسب إلى الخانكاه، ليمد له مدة هناك.

فلما كان يوم الاثنين رابع عشريه، نادى ملك الأمراء في القاهرة بالزينة بسبب دخول القاصد، فزينت زينة حافلة، فلما دخل القاصد لاقاه ملك الأمراء من هناك، ودخل هو وأباه من باب النصر، وشق من القاهرة في موكب حافل، وقدامه العسكر قاطبة من الجراكسة والعثمانية، وقدامه جماعة كثيرة من الانكشارية وهم يرمون بالنفوط ودخل قدامه عشرة

<<  <  ج: ص:  >  >>