للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مائة دينار على أنه يحا لله على ما وقع منه، فأبى من أخذ المائة دينار، وقال: حتى أقف أنا وإياه بين يدي الله تعالى. وقيل: إن يده التي قطعت استمرت عنده إلى أن مات فدفنت معه فمات شهيدا.

وفي يوم الثلاثاء تاسع ذي الحجة، قدمت على ملك الأمراء أخبار رديئة بأن العربان نزلوا على قطيا ونهبوا ما فيها، واستمر النهب عمالا من قطيا إلى الخطارة، وطفشت العربان في الشرقية، واضطربت أحوالها، وأشيع أن شيخ العرب أحمد بن بقر أرسل حريمه وأدخلهم إلى القاهرة، ووزع أمواله وقماشه ومواشيه خوفا من النهب في البلاد.

وقد وردت عليه أخبار غير صالحة، وصار القيل والقال في كل يوم عمالا بين الناس، والأخبار الكذب أكثر من الصدق.

وفي يوم الأربعاء عاشره كان عيد النحر، فوقع في هذا العيد أمور غريبة بسبب الأضحية، فبلغ سعر كل بقرة فوق الثلاثين دينارا، وشيء منها بيع بأربعين دينارا، ولم يسمع بمثل ذلك فيما تقدم من الزمان، وبيع الخروف الكبير بعشر أشرفيات، وشيء باثنتي عشرة أشرفية، وشيء باثني عشر، فعد ذلك من النوادر الغريبة، وسبب هذا أن الأشرفي الذهب العثماني صار يصرف بخمسين نصفا من الفضة، وأما المعاملة من الفضة فإن غالبا نحاس، وأكثرها غش، فوقف حال الناس بسبب ذلك، وصار الشيء يباع بمثلين، وصار كل من البضائع وغيرها يباع بأغلى الأثمان، وموجب ذلك قلة البقر والأغنام في هذه الأيام، وصارت الأبقار تجلب إلى دمشق وتباع هناك بأغلى الأثمان، فإن الأبقار التي بدمشق دخل فيها الفناء وقل نسلها هناك جدا.

وفي يوم الاثنين خامس عشره خرج الأمير ناصر الدين محمد الجلبي تفقد الأبراج التي هناك خوفا من الفرنج أن يطرقوا الثغر على حين غفلة. وقد تزايد عبث الفرنج في البحر المالح، وقد طمعوا في أخذ البلاد من حين مات السلطان سليم شاه بن عثمان.

وفيه أشيع أنه حضر ساع من البلاد الشامية وعلى يده مطالعة إلى ملك الأمراء، فقال له: إن كان معك مطالعات الأمراء فأظهرها علينا، فأنكر الساعي ذلك، فحنق منه ملك الأمراء وضربه ضربا مبرحا وسجنه وهو لم يقر بشيء من المطالعات.

وفي يوم الجمعة تاسع عشره أشيع أن أمير شيخ - الذي أرسله ملك الأمراء إلى السلطان سليمان بن عثمان يهنيه بالملك ويعزيه في أبيه السلطان سليم شاه - قد رجع إلى ثغر الإسكندرية وأنه وجد البحر المالح قد امتلأ بمراكب الفرنج، فلم يستطع التوجه منه إلى إسطنبول، ورجع إلى ثغر الإسكندرية، وأرسل يعلم ملك الأمراء بما وقع له.

<<  <  ج: ص:  >  >>