وفي يوم الأحد حادي عشريه نزل ملك الأمراء إلى الميدان الذي تحت القلعة، وعرض سنيحة وعرض العربات وهي العجلات التي صنعها، وفرق على المماليك سلاحا ورماحا وغير ذلك، ورسم لهم بأن يعملوا برقهم بسبب ملاقاة نائب الشام الأمير جان بردي الغزالي، ورسم للعسكر العثماني أن يعلموا برقهم أيضا.
وفي يوم الاثنين ثاني عشريه رسم ملك الأمراء للماليك الجراكسة بأن يعملوا برقهم أيضا، ويجهزوا أمورهم بسبب السفر، فتوجهوا إلى سوق القبو وجامع قوصون، واشتروا ما يحتاجون إليه بسبب السفر.
وأشيع أن ملك الأمراء أمر طائفة الأصباهية والكملية بأن يخرجوا إلى الصالحية، ويقيموا بها إلى أن يخرج العسكر، فامتنعوا من ذلك وقالوا: نحن لا نخرج إلا في ركاب ملك الأمراء إذا خرج وإن لم يخرج ما نخرج. فوقع الخلف بينهما في هذا الأمر، وكثر القال والقيل بين الناس، وأن ملك الأمراء أنفق على الانكشارية وأعوانهم، ولم ينفق على الأصباهية ولا على الكملية شيئا فحنقوا منه.
وفيه أشيع أن اليهود حولوا جميع قماشهم من حارة زويلة وبنوا على أزقتها خوخا قصارا، وقد أخذوا حذرهم من النهب، وكذلك أعيان المباشرين، وأن شخصا من الأمراء العشراوات يقال له: جان قلج - وهو الذي كان نائب قطيا - حضر في مجلس لهو، فلما سكر نقل عن ملك الأمراء كلاما لم يقله، فلما بلغ ملك الأمراء ما قاله جان قلج، رسم للأمير قايتباي الدوادار بأن يدعو جان قلج عنده في الترسيم حتى يعرضه عليه، ويحقق ما قاله عنهد فاستمر في الترسيم عند الأمير قايتباي.
وفيه أشيع أن ملك الأمراء ملأ الصهاريج الكبار التي بباب السلسلة، وملأ عدة صهاريج بقلعة الجبل، وأخذ في تحصين القلعة بكل ما يمكن وطلع إلى القلعة بأحمال بقسماط وأرز وقمح وشعير ودقيق وغير ذلك، وأرسل طلب من ابن قريميط المتحدث على شبرى خمسين ثورا من الثيران الكبار بسبب سحب المكاحل التي على العجل والعربات.
وأشيع أن ملك الأمراء طلب شيخ المغاربة وقال له: أحضر لي ألفي مغربي من شجعان المغاربة، وهذه الواقعة تقرب من واقعة السلطان جان بلاط لما تسلطن العادل طومان باين بالشام، ودخل هو وقصروه نائب الشام إلى القاهرة - وقد تقدم ذلك - وكان الأشرف جان بلاط حصن القلعة أعظم من هذا التحصين، ولم يفده منه شيء وانكسر، وأخذت منه قلعة الجبل في خمسة أيام، ثم قبض عليه ونفي إلى ثغر الإسكندرية.