للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند نائب الشام، فقيل: أرسله في الحديد، وتوجه أمير شيخ إلى البحر إلى ثغر الإسكندرية، ومن هناك توجه من البحر المالح إلى إسطنبول.

ثم أشيع بعد ذلك أن القاصد قد أغرقوه تحت الليل، وكان آخر العهد به والله أعلم بحقيقة الحال.

ومما استفاض بين الناس من أمر واقعة نائب الشام جان بردي الغزالي، أنه تسلطن بالشام. وقبل له العسكر الأرض وخطب باسمه على منابر دمشق، وضربت السكة باسمه على الذهب والفضة فلما تحقق ملك الأمراء ذلك، أرسل يعلم السلطان سليمان بن عثمان بما وقع من نائب الشام من سلطنته بالشام، وأرسل إليه المطالعات التي وردت عليه بما جرى منه، وصار الأمر موقوفا على الجواب عن ذلك، وقد تحقق عصيان نائب الشام وخروجه عن الطاعة

وفي شهر ذي الحجة وكان مستهله يوم الاثنين طلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر، فلما تكامل المجلس، أحضر ملك الأمراء مصحفا شريفا ووضعه على كرسي، وحضرت الأمراء الجراكسة والأمراء العثمانية، فتقدم الأمير أرزمك الناشف وحلف أنه يكون تحت طاعة السلطان سليمان كما كان تحت طاعة والده سليم شاه، وأنه لا يخون ولا يغدر ولا يخامر عليه. فحلف على ذلك بحضرة القضاة الأربعة، ثم تقدم الأمير قايتباي الدوادار فحلف بمعنى من حلف به الأمير أرزمك الناشف، ثم صارت الأمراء الجراكسة يحضر منهم اثنان اثنان ويحلفون على المصحف بمعنى ذلك. ثم قام شخص يقال له: قراجا الطويل، وقال: يا ملك الأمراء مثلما حلفنا للأمراء العثمانية يحلفون لنا هم أيضا. فقال ملك الأمراء: واجب علينا ذلك. فتقدم ملك الأمراء وحلف على المصحف، وأوسع في ألفاظ الحلف وأكد في ذلك. ثم تقدم قرا موسى وحلف على المصحف، وكذلك فرحات وخير الدين نائب القلعة والكيخية الكبير أغات الانكشارية فلما تكامل الحلف رسم ملك الأمراء أن ينادي في القاهرة بالعربي والتركي بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، وأن التجار تفتح دكاكينها وأن لا أحد يكثر كلاما ولا يدخل فيما لا يعنيه، ولا ينقل له قماشا إلى داره، والدعاء بالنصر للسلطان سليمان بن عثمان، فلما نودي بذلك سكن الاضطراب الذي كان بين الناس قليلا.

وفي ذلك اليوم عرض على ملك الأمراء شخص من النصارى قيل عنه: إنه وقع في حق النبي بكلام فاحش، وشهد عليه بذلك، فحكم القاضي الحنفي بقتله، فضرب عنقه تحت شباك المدرسة الصالحية، ثم أن العوام أحرقوه بالنار حتى صارت جثته رمادا.

<<  <  ج: ص:  >  >>