للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن ملك الأمراء أرسل طلب المملوك الذي ضرب الانكشاري وأثار هذه الفتنة، فلما مثل بين يديه أمر برضربه فضربوه ضربا مبرحا، وسجن بالعرقانة، فسكن ذلك الاضطراب قليلا، وصار الأمير قايتباي على رأسه طيرة من الانكشارية، وهو مهدد بالقتل منهم في كل يوم، وزعم الانكشاري الذي ضرب أنه سقط منه خنجر مفضض وسيف، وادعى أنه كان معه ثلاثون دينارا فسقطت منه، فدفع إليه الأمير قايتباي الدوادار عشرين دينارا على ما أشيع. هكذا قيل. وصار الأمير قايتباي لا يأمن على نفسه أن يطلع القلعة وحده، وكان يركب في كل يوم ومعه جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة، ويتوجه إلى قبة يشبك التي بالمطرية، وقيم بها إلى آخر النهار، ثم يعود إلى داره ومعه المماليك الجراكسة، فاستمر على ذلك أياما، ثم خمدت تلك الفتنة ولله الحمد.

وفي يوم الجمعة تاسعه، قدمت الأخبار من حلب بأن خارجيا من التركمان يقال له:

جلال المهتدي، قد تصدى لمحاربة الأمير علي بن شاه سوار، والتفت عليه جماعة كثيرة من التركمان. وكان جلال هذا من قرية بالروم يقال لها: أعلاق شري بوز، فكان بينه وبين الأمير علي بن سوار واقعة مهولة، وقتل من التركمان بها نحو ثلاثة آلاف إنسان، وأشيع أن الأمير ابن سوار قد جرح في وجهه بطبر، وانتصر ابن سوار على ذلك الخارجي الذي يقال له: جلال المهتدي، وفر منه إلى بلاده، فخلع ملك الأمراء على الهجان الذي أتى بهذا الخبر، ثم خمدت هذه الإشاعة كأنها لم تكن.

وفي ليلة الخميس خامس عشره، خسف القمر، وأظلمت الدنيا، فأقام في الخسوف نحو ساعة ثم انجلى عنه ذلك الخسوف.

وفي ذلك اليوم قبض القاضي بركات بن موسى المحتسب على أخي محمد بن خبير، وضربه ضربا مبرحا حتى كاد أن يهلك، ثم أشهره في بولاق. وكان سبب ذلك أنه حجز على بيع الفول، وصار يشتريه على ذمته ويخزنه، فشطح سعر الفول في تلك الأيام، وكان أخوه محمد بن خبير متحدثا في أمر الغلال التي كانت ترد من البلاد قاطبة، وكان محتميا بالأمير جانم الحمزاوي، فجار على الناس بسبب بيع الغلال، فحنق عليه القاضي بركات بن موسى وضربه كما تقدم.

ومن الحوادث الشنيعة أن ملك الأمراء كان سعر الذهب العثماني أن يصرف بأشرفيين، وكان قبل ذلك يصرف بأشرفيين وخمسة أنصاف، وصار البيع بيعين بيع بالذهب، وبيع بالفضة، فوقفت أحوال الناس بسبب ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>