للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك، وكان من جماعة الخنكار، فاستمر على ذلك. ثم سعوا في الرشيدي من عند ملك الأمراء، فأخرج عنه ما كان بيده من النظارات، فحصل له غاية القهر، فاختفى وخرج في الدس صحبة بعض الهجانة على أنه يتوجه إلى الخنكار بشكو له ملك الأمراء الذي أخرج عنه النظارات التي كان الخنكار قرره فيها، فلما وصل إلى قطاي قبض عليه نائب قطيا، وعلى الهجان الذي كانصحبته، وقال له: أمعك مرسوم ملك الأمراء، فقال: إنما رسم لي مشافهة، فضيق عليه نائب قطيا، فاعترف الرشيدي أنه خرج هاربا من ملك الأمراء.

فقبض عليه نائب قطيا ووضعه في الحديد، وأشيع أنه شنق الهجان هناك، وأرسل الرشيدي في الحديد إلى ملك الأمراء. فلما وقف بين يديه وبخه بالكلام، وقال له: أنت تتوجه إلى الخنكار وتشكوني له. ثم أن ملك الأمراء رسم بسجن الرشيدي في العرقانة التي هي داخل الحوش السلطاني.

وفيه أرسل ملك الأمراء بالقبض على شخص يسمى محرات مقدم، كاشف الغريبة، وقد كثرت فيه الشكاوى من الفلاحين، وأشيع عنه أنه ضرب شخصا من الفلاحين حتى مات تحت الضرب، فلما مثل بين يدي ملك الأمراء أمر بتوسطيه فوسطوه في باب زويلة.

وفي ذلك اليوم رسم ملك الأمراء بشنق اثنين من الكملية لأمر أوجب ذلك.

ومن الحوادث أنه في يوم الثلاثاء سادسه، وقع للأمير قايتباي الدوادار واقعة مهولة، وهي أنه سار إلى نحو المطرية وعاد، فلما دخل من باب النصر، وجد عند وكالة الصابونبعض الانكشارية قد أخذ من شخص يبيع الصابون خمسة أرطال، ودفع إليه ثمانية أنصاف، وكان الصابون قيمته أشرفيا، فلما رأى صاحب الصابون الأمير قايتباي الدوادار تعلق بلجام فرسه، وقص عليه قصته، وكان الانكشاري ضرب صاحب الصابون حتى أدمى وجهه، فأرسل الأمير قايتباي مع صاحب الصابون بعض مماليكه إلى الانكشاري لعله يعطي صاحب الصابون شيئا فوق ذلك القدر، فلما قابل ذلك المملوك الانكشاري أغلظ عليه المملوك في القول، فحنق منه الانكشاري فضرب المملوك على وجهه فأدماه.

ثم أن المملوك ضربه على وجهه بدبوس فأدماه، فاتسعت الفتنة بينهما، فمضى الانكشاري إلى أصحابه وأعلمهم بما جرى له مع مملوك الدوادار، فاجتمع الجم الكثير من الانكشارية وتوجهوا إلى بيت الأمير قايتباي الدوادار، وهجموا عليه، وبأيديهم سيوف مسلولة، وقصدوا أن يحرقوا بيته وينهبوه فاختفى منهم. فلما بلغ الكيخية أغات الانكشارية ركب ورد الانكشارية، وخمدت تلك الفتنة. فلما بلغ ذلك ملك الأمراء شق عليه ذلك ولام الأمير قايتباي الدوادار على ما فعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>