وفي يوم الخميس ثالثه خرج الأمير جانم الحمزاوي إلى السفر، وقصد التوجه إلى إسطنبول فخرج في موكب وصحبته الأمراء الجراكسة والمباشرون وأرباب الدولة من الأمراء العثمانية، وقد أرسل ملك الأمراء صحبته تقدمة حافلة إلى السلطان الملك المظفر سليم خان، وكان ما اشتملت عليه تلك التقدمة على ما قيل: من الخيول الخاص خمسين فرسا، وفيها بغلة قيل: مشتراها خمسمائة دينار، ومن القماش الحرير والتفاصيل السكندري أشياء كثيرة، ومن الشاشات المايني أشياء كثيرة منها ما طوله مائة وعشرون ذراعا، وأرسل إليه ملك الأمراء من جملة هذه التقدمة خمسمائة قنطار سكر معمولة بمسك، ومن الأشربة والمربات أشياء كثيرة، وأرسل إليه من الفصوص والمعادن واللؤلؤ أشياء كثيرة، ومن الصيني اللازوردي والشفاف أشياء كثيرة، وغير ذلك من التحف الغريبة مما يهدى للملوك.
وفيه قدمت الأخبار من تونس ببلاد الغرب بأنه قد وقع بها فتنة عظيمة بين صاحب تونس وبين الشيخ محمد بن تليس صاحب بصرت، وكانت بينهما واقعة عظيمة في أوائل صفر، وقتل في هذه المعركة نحو أربعين ألف إنسان، وآخر الأمر انتصر السلطان حسن بن محمد صاحب تونس علي بن تليس، وغنم منه غنائم جزيلة، ما بين مال وقماش وسلاح وخيول وجمال وغير ذلك.
وفيه نزل ملك الأمراء إلى بولاق، وأقام بها إلى قريب الظهر، فأحضر إليه القاضي بركات بن موسى المحتسب هناك مدة حافلة، ما بين خرقان شوي، وقدور هريسة، ومامونية، وفاكهة وحلواء، ومشموم.
ثم أن ملك الأمراء عرض المراكب الأغربة التي أنشأها، ولعبت قدامه في البحر، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية، ونصب له سحابة في الجزيرة التي تجاه إنبابة، وكان يوما مشهودا.
وفي يوم الاثنين حادث عشريه كان عيد النصارى، وهو أول يوم الخماسين، وكانت خماسين مباركة، لم يظهر فيها الطاعون بمصر، ولا في غيرها من الثغور.
وفيه توفي شرف الدين الجويني الذي كان مباشر ديوان الأمير أزدمر الدوادار، وباشر أيضا ديوان الأمير كسباي المحتسب، وكان لا بأس به.
ومما وقع من الحوادث الشنيعة، أن امرة مسلمة كبست مع شخص يهودي، فلما شاع أمرهما قبض على اليهودي وعلى المرأة، وعلى المكاري الذي أركب المرأة، وقبض على شخص أسكافي كان واسطة بين المرأة واليهودي، فلما عرض أمرهم على ملك الأمراء،