للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الثلاثاء خامس رمضان كان يوم النوروز، وهو أول السنة القبطية سنة خمس وعشرين وتسعمائة الخراجية.

وفيه قدمت الأخبار من مكة بأن في البحر المالح قبالة جدة نحو أربعين مركبا من مراكب الفرنج يعبثون بالتجار ويقطعون عليهم الطرقات، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك عرض جماعة من المماليك الجراكسة وغيرهم، وعين منهم نحو ثلثمائة مملوك وكملية يتوجهون صحبة الحجاج، ويقيمون بجدة خوفا من أن يطرقها بعض الفرنج على حين غفلة.

وفيه أشيع بين الناس أن قاسم الشرواني الذي كان استقر في نيابة جدة، جمع المال الذي تحصل من جدة فوضع يده عليه، وأخذ المكاحل التي كانت هناك والسلاح، ونزل في مراكب وتوجه نحو بلاد هرمز، فتنكد ملك الأمراء لهذه الأخبار الردية.

وفيه حضر شخص يقال له: كيخية أرسله ابن عثمان يقيم بمصر عوضا عن أغات الانكشارية الذي كان بمصر، فإنه أراد الحج في هذه السنة إلى بيت الله الحرام.

وفي يوم الثلاثاء تاسع عشر رمضان قبض على شخص من تجار الوراقين يقال له:

المحلاوي، وكان قبيح السيرة مشهورا يأكل الربا، وقد أنهوا في حقه أنه يبيع الخمر والمعجون للتركمان في شهر رمضان، وقد شهد عليه جماعة من الوراقين بذلك. فلما عرض على ملك الأمراء بالميدان رسم بتسليمه إلى الوالي حتى يحرر ما يكون من أمره، فتسلمه الوالي ونزل به إلى داره ليعاقبه حتى يفر بما قيل عنه من بيع الخمر والمعجون، وقد شهد عليه جماعة من الوراقين بذلك فلما عرض على ملك الأمراء بالميدان رسم بتسليمه أوعده ملك الأمراء بالشنق بعد العيد، فلما نزل به الوالي إلى بيته قصد أن يكتب محضرا بسيرته، فجاء إليه جماعة من الانكشارية من أصحاب المحلاوي الذين كان يبيع لهم المعجون، فمنعوا الوالي من ذلك وأغلظوا عليه في القول، ثم توجهوا إلى سوق الوراقين وضربوا التجار الذين تعصبوا على المحلاوي، وقصدوا نهب التجار، فأغلقوا الدكاكين قاطبة.

فلما كان يوم الأربعاء عشري رمضان طلع التجار إلى ملك الأمراء وأخبروه بما جرى من الانكشارية فحنق منهم ورسم للوالي بأن يوسط المحلاوي على باب الميدان، فوسطه هناك مسرعا، ولم تنتطح في ذلك شاتان.

ثم قبضوا على عبد المحلاوي فادعى أنه قد أعتقه أستاذه قبل أن يتوسط، فقطع الوالي أذنه وأطلقه إلى حال سبيله، فعد ذلك منالحوادث المهولة. وما كان يجب على المحلاوي توسيط فراح ظلما.

<<  <  ج: ص:  >  >>