جامعا وحماما، فلما انتهى العمل منهما وقفوا له وقالوا له: إن خلفنا أولادا وعيالا وقد أنهينا العمل الذي رسم به الخنكار وما بقي لنا شغل، فرسم لهم بالعود إلى بلادهم، وكتب لكل واحد منهم ورقة بعدم المعارضة، وحضر صحبتهم أيضا الجمالي يوسف ابن نقيب الجيش بن أبي الفرج وشخص من أقارب ابن الطولوين، وقد أقاموا لهم ضمانا بإسطنبول بأن يتوجهوا إلى مصر، ويقضوا أشغالهم، ثم يعودوا إلى إسطنبول، وأخبر الجمالي يوسف بوفاة جماعة كثيرة من الأعيان الذين توجهوا من مصر إلى إسطنبول، ولم تحضرني أسماؤهم.
*****
واستهل شهر شعبان بيوم الخميس فطلع القضاة الأربعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم.
وفي يوم الثلاثاء سادس الشهر حضر القاصد الذي أرسله الخنكار بطلب الأصباهية، وقد أرسل عسكرا صحبة ذلك القاصد عوضا عن الأصباهية، فلما وصلوا إلى الريدانية، رسم لهم ملك الأمراء بأن يطلعوا من بين الترب، ولا يشقوا من القاهرة، قيل: إن عدتهم دون ألف نفس، والباشا الذي عليهم يقال له: قراموسي. فلما وصل تحت القلعة أنزله ملك الأمراء بالميدان الذي تحت القلعة، فنصب خيامه به، وصارت التركمان الذين حضروا صحبته يهجمون على الناس في بيوتهم ويسكنون بها.
فلما كان يوم الاثنين ثاني عشره خرج إسكندر بك وخرج صحبته الأصباهية الذين كانوا بمصر قاطبة، فكان هو الباشا عليهم، فشق عليه خروجه من مصر، وكان هو المشار إليه في أمور الديار المصرية، وصار يعارض قضاة القضاة في الأحكام الشرعية، فقلق الناس منه إلى الغاية حتى بعث الله تعالى بالفرج وأخرجه من مصر عاجلا. فلما خرج إسكندر، نزل إليه ملك الأمراء وودعه وأنعم عليه بأشياء كثيرة من مال وخيول وزوادة وغير ذلك، ولما دخلت هذه الطائفة من التركمان إلى مصر صارت الناس تضيق أبوابها حتى لا يدخل منها راكب لأجل التركمان.
وفي يوم الأربعاء رابع عشره رسم ملك الأمراء بشنق سبعة أنفار من طائفة الكملية، قيل: هم الذين قتلوا الأمير بخشباي كما تقدم، فشنق منهم ستة أنفار على شجرة النبق التي عند مدرسة السلطان حسن، والآخر شنق عند باب النصر، فشق ذلك على الكملية، ولم يطلع من أيديهم شيء.