قد أصبح الخزان مذ زاد … هذا النيل بعد النقص في بوسي
وقد عدا يقرا على قمحه … قراءة تنسب للسوسي
فلما زاد النيل هذا الأصبع وسكن الاضطراب شرع القاضي عبد العظيم المحتسب في تسعير البضائع قاطبة، فانصلحت أحوال الديار المصرية قليلا، ووقع الرخاء وتفاءل الناس بكعبه بالحير، وقد قلت في المعنى:
يا قاصيا قد عدا بالله محتسبا … على الأعادي ولا يخشى من الباس
رخصت أسعارنا من بعد ما عليت … وحزت حسن الثنا من ألسن الناس
لما توليت زاد النيل وانفرجت … وقد حزى كل خزان ودراسي
إن زال هذا الغلا من مصر لا عجب … فكعبكم أخضر يزهو على الآس
ومن الحوادث أنه في يوم الخميس عاشر رجب، وقعت واقعة شنيعة، وهي أن إسكندر بك أحد أمراء ابن عثمان الذي كان حضر إلى مصر عوضا عن سنان باشا، لما أقام بمصر صار يعارض قضاة القضاة في الأحكام الشرعية، فوقع بينه وبين نور الدين علي الميموني نقيب قاضي القضاة الشافعي.
ثم أنه في يوم الخميس رسم بعزل علي الميموني من النقابة، ولم يكتف بذلك حتى أنه تكلم مع ملك الأمراء في نفيه فنفاه إلى دمنهور، وأخرجه من يومه.
ثم أن ملك الأمراء رسم بإبطال نقباء قضاة القضاة الأربعة، فعزل من النقابة شهاب الدين أحمد بن سرين نقيب قاضي القضاة الحنفي، وعزل نقيب قاضي القضاة المالكي شمس الدين الدميري، وعزل من النقابة ابن قاضي القضاة الحنبلي، ومنع جماعة من الوكلاء ومن الرسل أيضا، وحصل لقضاة القضاة منه غاية الضنك بسبب نقبائهم.
وقد تقدم القول: إن ملك الأمراء لما توقف النيل سبعة أيام أمر بإبطال بيوت الحشيش وبيوت الخمرة وبيوت البوزة وعرق أنس التي كانت تجمع عندها بنات الخطأ اللاتي كن يعملن الفاحشة من أمر الزنا، فلما زاد النيل رجع كل شيء على حاله، وسبب ذلك أن العثمانية تعصبوا في إعادة ذلك، فإن أكثرهم كان يبيع البوزة في الدكاكين ورسم ملك